ღ نحو القـــمـــة ღ

ღ نحو القـــمـــة ღ
معاً نحلق نحو القمة
نغوص في فضاءات أنفسنا
ونتناسى للحظة همومنا وآهاتنا
فنحيا حياة صادقة بلا قيود ولا أنظمه
نحيا اللحظة بكل مافيها
" ونترافق معاً نحو القمة"


الخميس، 7 مايو 2009

ملخص كتاب الحب روح الحياة للكاتب جمال ماضي

* 1ـ هذا هو الحب
هذا الحب الذى تتذوقه
فحلاوته لا تزول
كله لذة
وجميعه متعة
فيه تستعمل الأرواح والحواس ، القلوب والعقول ، النفوس والمشاعر ، يمتزج الإحساس بالوجدان ويظهر المعنى الحقيقى لمهام ووظائف الخفقات والخلجات والزفرات والأنفاس ، ويحيا المحبون فى دنيا أخرى ، شقاؤها نعيم ، ونعيمها روضات ، عذابها متعة ، ومتعها جنات .
اللحظة الصادقة :
يعيش المحبون اللحظة الصادقة فتأخذهم فى عوالم كأنها سنوات ، تملأ عمرهم ، بل هى عمرهم وحياتهم ، ثم تكون ذكرى تحيا معهم ، تحييهم عند الابتعاد ، ويشربون سحرها فى الاقتراب ، وفى اللقاء حياة تتجدد وروح تكبر ومعانى يسبح المحبون فى جمالها ، وينهلون من روعها ، حيث الروح فى الروح ، والقلب بالقلب ، والجسد للجسد ، فى ظواهرها صور تتحرك ، وفى حقيقتها أثير بهيج ، عجز عن وصفه الشارحون وقد استخدموا كل ما يعرفونه من نعيم الأرض ، من شمائل وعيون وروضات وأنهار ونجوم وسماء ، وأزهار ورياحين ، أو من أريج وريحان ، أو من شدوٍ وحداء ، أو من عطر ونسيم ...
الحب هو الحياة :
فالعين لا ترى ما تراه العيون ، واليد فى لمستها شىء آخر ، والأذن صُمّت إلا عن جو الحب فى لحظات الهوى والعشق والغرام ، وكلها أجواء فى سماء الحب فى تداخل شفاف وصفاء رقراق ، فالحب هو الحياة ، والحياة هى الحب .
* 2ـ فما الحب إذن ؟ *
وكذلك الحب:
كما يقولون الأعمال بخواتيمها ، والأشجار بثمارها ، والحركات بنتائجها ، وكذلك الحب ... الحب الحقيقى له علامات ، وفيه آثار وعنده تضحيات ، وأمامه عقبات ، وله حياته الخاصة به فى اللقاء والذكرى والجفاء ، وعلاقته بحياة الروح وحركة القلب واقتران الجسد ، حتى تتحقق الثمرة والنتيجة والمذاق .. هنالك يحق لك أن تعلن : هذا هو الحب .. وهو فى أمرين : طاعة وتجاوز .. فما معناها ؟
طاعة وتجاوز :
فإن تحققا بدأ الحب الحقيقى يدخل فى دوائر أخرى تجعله قويًا متينًا ممتدًا متواصلاً ، لا يعترف بعقبات ولا يقرّ بعوائق ، كجنة بربوة إن لم يصبها وابل فطل ... نعم ( الطاعة ) وهى فى الحب حركة لا إرادية خارج دائرة الشعور ، يكون فيها المحب كالمسحور ، ينتظر من الحبيب الإيماءة ، ويفهم الإشارة ، فالطاعة تجرى فى عروقه متى وصلت إلى ركن فهو طائع ، العين فى نظرتها ، واليد فى لمستها ، والوجه فى قسماته ، والفم فى ارتعاشته والبدن فى انتظاره للموافقة ، وكل جزء ينبض بالطاعة فيلبى خافية الحبيب وإن لم يصرح ، بل كثيرًا ما يفعل ما يكون حديثًا فى نفس حبيبه ، الحب يصنع المعجزات والموافقة ثمرته المكنونة ، حتى يصل الأمر بالحبيب إلى أنه لا يطلب ، وتتحقق إراداته من محبوبه .
ومع الطاعة ( تجاوز ) الاثنان معًا ممتزجان ومعنى تجاوز الحبيب أنه لا يقف عند عيبه ، ولا يكبّر شوكه ، ولا يعظم ذنبه ، ولا يوسّع تقصيره ، ولا ينفش خطأه ، بل يمر عليه دون اعتبار ولا يعبره بنظر أو انتظار ، فإن قال قائل : أين التقويم ؟ قلنا له : يا هذا ليس من ذاق كمن عرف ! وليس من عايش كمن سمع ! الحبيبان ماء واحد يجرى فى الشعور والوجدان ، لا سرّ بينهما ولا خافية ، إن دق قلب فرنّاته عند الآخر ، حيث الأرواح فى خفقة واحدة ، والأفئدة فى سير واحد ، لا تستطيع أن تقول اثنين ، وهل الماء إلا شيء واحد ؟! .
وهذا هو الهوى :
فالتجاوز طبيعة وطبع ، وليس تمـثيل وصناعة ورسم .. ومن لم يذق فليجتهد ، وليحاول وسيصل .. حينما يسأل عينه : هل تلتقين بعين الحبيب ؟ وحينما يسأل جفنه : هل تخاطب قلب الحبيب ؟ والإجابة ليست بالكلام وإنما فى خفة الروح ، وانتفاضة الفؤاد ، وخفقان القلب ، وارتعاشة البدن ، وهذا هو الهوى : بداية الماء الواحد ، وحضانة الرداء الواحد ، ليس للهوى أوصاف يُعرف بها ، أو صفات يتميز بها ، أو سمات يسمو بها ، وإنما يُعرف فى الموصوف ويظهر فيمن حقق الهوى :
وعندى الهوى موصوفه لا صفاته
وإذا سألونى ما الهوى قلت ما بيا
حالك يوسف أحلامها :
فهو حال يقيم فيه المحبون ، [ إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ] ، كذلك إذا رأيتم الحبيب فى حبيبه روحًا وقلبًا ونفسًا وعقلاً .. فاشهدوا له بالحب ، فإن ذاب من الضنى ، ولم يؤثر على الحب غالياً ، فقدم مهجته فدى مهجته ، فاشهدوا له بالهوى . فهل قدمت أيها المحب الروح رخيصة فى هوى المحبوب ، هل أرسلت دمعة الوصل ترجو المزيد ؟ هل سار قلبلك بقلب المحبوب ؟ هل أرسلت من جفنك حركة قلبية أو استقبلت من جـفنه نـفس الرسـالـة ؟ هل من الانصهار والذوبان فى الحب أنتما كالماء ؟! إجابة الكلمات وردود الأقوال لا مكان لها فليس هذا ميدانها ، بل أنت ميدان الردود ، وحالك يوسف أحلامها .
* 3ـ ويسقى بماء واحد *
الماء واحد والثمار يانعة ، وهذه هى آثار الحب ، ثمرات يانعات ، لكل حلاوتها ، ولكل حلاوة مذاق ، لا تستطيع أن تميز بينهن ، أو تستأثر بإحداهن ، أو تسوى بسحرهن .
ــ الحب هو الدواء :
فمن قائل : الحب هو الداء الذى فيه الدواء ، فهو يكابد ليستيقظ الإحساس ، ويعانى ليصحو به الشعور ، ويقاسى ليحيا القلب ، ويتحمل فتنتعش الروح .
ــ الحب هو الروح :
ومن قائل : الحب هو الذى يملأ علىّ نفسى وروحى وقلبى وعقلى وكيانى بل إننى أرى الحبيب هو هذه الأشياء فهو راحة الروح ومنى القلب وحلاوة الدنيا وبهجة الحياة ورجاء النفس ، وحياة الجوانح كلها .
ــ الحب هو المعاناة :
ومن قائل : الحب هو المعاناة والعذاب والشقاء ، فى الوقت الذى هو كله نعيم ولذة ، وليس فى الأمر مبالغة لأن الإحساس بأقل أثر من لمسة معاناة هى شقاء مع أنها قطرة فى بحر النعيم والمتعة ، وهذه ترجمة لإحساس المحب الذى يرى بشعوره ويتأثر بوجدانه .
ــ الحب هو اللقاء :
ومن قائل : الحب معاناة يتحقق فى اللقاء حيث تتوقف عجلة الزمان ، ويصمت الدهر ، وتُطوى السنون ، وتُمحى اللحظات ، لأن اللقاء هو العمر ، وغيره ليس محسوبًا من العمر ، وذلك لما يراه الحبيب من معاناة فى أيام لا يرى فيها حبيبه .
ــ الحب هو الولاء :
ومن قائل : الحب هو الولاء للحبيب ، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بالبحث الدائم عما يرضيه ويحقق رضاه ، وهذا هو عين الولاء للحبيب ، والرضا يكون : بالطاعة والموافقة مع الايثار والحب ، والتغافل عن العيب ، ومع ذلك فالرضا غاية لا تدرك إلا مع الله عز وجل .
ــ الحب هو الثقة :
ومن قائل : الحب أن تـثق فى الحبيب ، والثـقة لا تتحقـق إلا بتبادل المشاعر ، فثقتك بأن حبّك فى قلب الحبيب بنفس ما هو فى قلبك ، يعطيك
ويمنحك الاحساس بالحب ، ويزيل الكثير من المتاعب والظنون ، ويقطع الطريق أمام الحاسدين .
ــ الحب الانفراد بالحبيب :
ومن قائل : الحب هو الانفراد بالحبيب ، والغيرة عليه من أقل الأشياء ، حتى من جوارحه عليه فى وحدته ، وعلامة ذلك التعلق الدائم به ، وقطع الفيافى للوصول الدائم إليه فى كل الظروف والأحوال .
ــ الحب هو التضحية :
ومن قائل : الحب هو التضحية ، فآثار الحب تظهر بما يقدمه المحبون من تضحيات ، والصدق فى تحقيقها أن تقدمها من أجل المحب وسعادته وسروره ، فيكفى أن يكون الحبيب سعيدًا مسرورًا ، يرغد فى الهناء وإن كلفنى ذلك العنت والتعب والسهر والسهاد والدمع والبكاء .
ــ الحب عدم تحمل البُعد :
ومن قائل : الحب هو عـدم تحمل البُعد ، فالحب يعيش حين ينصهر الحبيبان ، فى الشعور والإحساس والروح ، فكأنهما جسـد واحد بدماء واحدة ، أو كالماء الواحد ، أو كالرداء الواحد ، فلو فصل أحدهما عن الآخر بالبعد فهى فترة عصيبة ، ومشاهد رعيبة ، ومشاعر مروعة ...
كالماء الواحد أصبحنا
وكلانا صار يقول أنا
كل هذه الثمار : هى حياة الحب وعلامة تحقيقه وآثار وجوده ، وكلها تجتمع على المحبين فى لحظات التلاقى والتصافى ، ولذلك فرسالتنا إلى كل حبيبين ذاقا وتمتعا ، ويريدان تحقيق هذه الثمار , بأن يعلما أن الطريق إلى ذلك بهذه النصائح القلبية الثلاثة :
الطريق إلى الحب
أولاً : احيوا الأرواح باللقاء
حياة الأرواح وعودتها إلى الأبدان تكون باللقاء وفيه ، وللقاء روح تعود بالأرواح وتردّها ، وإلا كان لقاء ميتاًا مقبورًا لا نفع منه ، وكم من اثنين تحققت بينهما المعاشرة لسنوات ولم يتم بينهما لقاء واحد ، فاللقاء الحقيقي هو ما فيه حياة الروح ، وليست له لحظات معدودة ومعلومة ، عدّها بعضهم من أحسن أيامه لأن القُرب بالروح وليس القُرب بالجسم ، فقال :
رُدّت الروح على المضنى معك
أحسنُ الأيام يومٌ أَرْجَعَكْ
ثانيًا : احيوا الحب بالصفاء :
للبعد مرارة ، وفيه معاناة ، وله روعات ، فإن تحقق الحب الصافى ( عند البُعد وفى البُعد ) إذا بهذه المرارة وتلك المعاناة ومكابدة الروعات تزيده صفاءً وتقوية وتجعله متماسكًا متينًا ، وإن لم يكن صافيًا أظهر البُعد زيفه ، وكشف غن خبثه .
ثالثًا : احيوا الهوى بالحال
لا تكتمـوا حالكم عن الحبيب ، صـارحوه بما تكابدونه ، فى غـيابه وحضوره ، فى بعده وقربه ، وصارحوه بسهر الليالى وسهاد الشهور ، حدثوه عن شكوى البُعد بالليل ، كلموه عن الانتظار إلى الفجر والعين لا تنام ، والقلب مكلوم ، والروح حزين ، أرسلوا له الشوق ، واختاروا من العبارات ما يظهر الحال ويبينه ويوضحه ، من لهيب ونار وإحراق ، اعلموه بالمآقى الباكية والدموع الهادرة ، والدمعات المسكوبة ، وماذا تقول له ؟ وبم تشعر نحوه ؟ ومارسالتها إلى الحبيب ؟
كل هذه المظاهر بوصفها وحالتها ومرارتها وسعادتها , انقلوها لشعوره ليحيا الهوى وتؤتى الثمار , وهذا هو الماء الواحد .
* 4ـ الحب لا يعترف بالعقبات *
هل هذا خروج عن سنن الله فى كونه ؟
أم هذه سنة تميز بها الحب ؟ ..
وقبل الإجابة هيا ننظر فى حال المحبين :
ـ الحاسدون :
كم يحاول الحاسدون والوشاة أن يفسدوا ما بين المحبين ، ولكن كل محاولاتهم تبوء بالفشل !
فأمام الحب الحقيقى ينهار الحاسدون ولا وجود للوشـاة المفسدين ، فالماء مادام يجرى لا يفسد ، وإنما يفسده توقفه ، وركوده ، وإن سكن حبٌّ وركد فهو غير صادق ، فقد نهشته أنياب الوشاة ، وشوهته حِرابُ الحاسدين ، وفتكت به أسلحة المفسدين .
العُذال :
وليس الحاسدين فقط الذين ينالون من الحب ، بل أيضًا العُذال واللائمون ، الذين يرتـدون ثياب الرحمة والشفقة على المحبين ، فيخرجون بمسوح العُبَّاد ، يقدمون المواعظ بلا طلب ، والنصح بلا حاجة ، أقنعوا أنفسهم بإرادة الخير وتحقيق المصالح ، وهو نوع من الخداع الخفى والتلبيس السقيم ، لفراغ عقولهم من الفهم ، وقلوبهم من الحب ، فأنّى لأرواحهم أن تتذوق .. وهؤلاء العُذال كالحاسدين خاسرون ، فالماء الجارى لا يتأثر بقذف الحجر ، والرداء الواحد لا يتأثر بأقذار الطريق ، لأنه يطهر بعضه بعضًا :
ما بال العاذل يفتح لى
باب السُّلوان وأوصدُه
ــ عقبات من الداخل :
وأخطر العقبات هى التى تكون من الداخل ، فإن كان الحاسدون والعُذال خاسرين أمام الحب ، فهل العقبات التى فى نفس المحب وقلبه هى أيضًا خاسرة ؟!
ولا تعجب حينما أقول : نعم ، هى أيضًا منهارة وخاسرة لسبب واحد : أن الحب الحقيقى تُقَدَمُ فيه التضحيات ، وأعزُّ هذه التضحيات الروح ، فماذا بعد الروح ؟
والكل يهون وقد ملّكته روحك ! والكل يصغر بجانب التضحية بالروح !
ثم إن الحب الصادق متجرد فى حبه لا يخطر بقلبه سوى محبوبه ، فالحركة لا تهدأ ، والحرارة دائمًا متقدة ، بصفاء الحب ، وروح اللقاء ، وتقديم حبيبه بالحال على كل شيء .
ما خنت هواك ولا خطرت
سلوى بالقلب تبردُّه
فكيف بالله عليك يتأثر هذا الحب وفق هذا المعنى بشائبة أو لوثة ؟!
فالثـبات على الحب عنوان مواصلة النجاحات ، هنالك ينطلق المحبان يهتفان :
( ما لروحينا عن الحب غِنى )
2ـ فـى الـجـفـاء
هل فى الحب جفاء ؟
هل فى الحب جفاء ؟ وإلى أى مدى يتأثر الحب بالجفاء ؟ وكيف يتحول الجفاء فى حياة المحبين إلى اقتران والتقاء ؟
أيها الحبيبان ... نعم فى الحب جفاء ... ولا تتعجبان ! وهو امتحان المحبين ، اختبارٌ للحب الصادق ، ومعرفة بمقداره ، وتذوق لحلاوته ، تنجلى صوره المختلفة لتجتمع حول أمرين ( الهجر والهجران ) .
الهجر والهجران قاتلهما الله
فهما نار الابتلاء ، يخلص فيهما الحبيبان كالذهب ، ويظهر بهما زيف غيرهما ، والإسراف فيهما عذاب المحبين ، وشقاء الأحبة ، فعلام ثم علام نشقى بأيدينا ، بالتمادى فى نار الهجر وعذاب الهجران ؟!
وعلام كل هذا الجفاء ؟
قد يلتحم الجسدان والهجران ينهش فى الأفئدة لأنه من قوارض القلب وسُوس الحب ، وليست استدامة المعاشرة عنوانًا للسعادة أو دليلاً على الحب ، والهجر الموجود يتحرك كأصـل منهار ، فهو عمل الجارحة الحقيقى ، وما سوى ذلك مظاهر ورسومات وأشكال خادعة .
فلا يغرنك تقلب الأبدان أوعلامات السعادة المصنوعة فالحرمان الحقيقى فى انحسار متعة الأرواح وزوال سعادة القلوب ، والحرمان كله فى هجر النفوس ، وهجران القلوب ، حيث ( الجفاء ) عدو الحب ، وخصم الهوى ، وهادم اللذات وموت المحبين .
ولذلك يأتى الجفاء فى سماء الحب الصادق كسحابة تزيد من تعلق الحبيب بحبيبه ، وفراره إليه ، وهروبه من كل شيء ، فى أحلى صور الانكسار والذلة والتصافى والمصافاة ، وليس من خروج عبر خطره أو انتصار عليه إلا بالعفو والمسامحة والصبر وتحمل التكاليف , وخيرهما من يبدأ بالسلام ويبادر بالعناق ، ويفاجيء بالحنان ، وكم من لمسة حانية ... تصافت لها جفاءات متمكنة ...
أيها الحبيبان
هيا نبدد الجفاء
ــ العفو :
فما يبدده ويجلى ظلمته ، غير العفو والمسامحة ، والماء الواحد لا ينتظر أحدهما ليسامحه الآخر ، فلا تكتم شيئًا ، يشعر به حبيبك ، ويريدك أن تتكلم به ، بل يبادر الاثنان معًا .
بلّغه عن المعاناة ، وقسوة السهاد ، ومرارة السهر والتعب ، وغزارة البكاء ، وقل له إن هذا ذنبى ، أما يكفى أن يكون سببًا لعفوك ومسامحتك ! ودومًا اسأله المسامحة .
ــ الصبر:
ولا تتسـرع واصبر صبر القلوب لعلك أن تفوز , وصبر القلوب يكـلفك الكثير ، وبقدر التحمل تكون النتائج ، وليس لك إلا من عودة الروح وحياة الحب :
أخلق بذى الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
ــ التصافى :
التصافى والمصافاة من صفات الماء الجارى ، وما توقف ماء إلا وأسن ، فعلام يوقفنا الجفاء ؟ .
وحركتنا تتواصل بالمصافاة وتستمر بالتصافى ، فيرى الحبيبان روحيهما فى بعضهما كالمرآة الواحدة .
والحيلة فى تحقيق ذلك ضرورة حركية ، والكذب فيه إجازة شرعية ، من أجل الصفاء بعد الجفاء .
ــ وسائل عملية :
ومن الوسـائل العملية : إن صدَّ عـنك فاقـترب منه ، إن أتاك يمشى هرول إليه ، ولا تقابل الصد بالصد ، والجفاء بالجفاء ، بل تحتفى به ، وإن لم يظهر احتفاءً بك ، وتقدم التضحيات رغم شحه بها ، وبذل كل ما ترضيه ولو لم يهـتم بك ، وتسعى دومًا لإسعاده وسروره رغم تقطيبه وعبوس وجهه ، علّه يذّكر أو تنفعه الذكرى .
ــ لا تكتموا شعورًا :
ولا تكتموا عن الحبيب شعورًا ، ولا تخبئوا عنه إحساسًا ، بصوت القلب وروح الحب
** احذروا اللائمين
وأخيرًا احذروا اللائمين فى أفعالهم وصنائعهم ، واحذروا المتربصين فى أقوالهم وتجنيهم ، وردوّا عليهم بالصدّ عنهم ، فتجنبهم حياة والبعد عنهم غنيمة ، من وقع فى شباكهم خسران ، لا تغبطهم بتصديق أوهامهم ، فكم هزّت صنائعهم حياة المحبين برياح لغوهم اللعين ، وكم أطفأت أمواج ظلمهم نور الهوى ، وكم تساءلت قلوب المحبيبن ... هل يختفى بركان قبائحهم الثائر فينا ؟
وأخيرًا وبعد تحقيقك لكل هذه الوسائل :
للربّ دع أمر النّوى قد نتجلى
أقدار ربّى كالرحيق الزّائر
ثم قل :
يا لائمى فى هواه والهوى قدرٌ
لو شفّك الوجدُ لم تعذل ولم تلُمِ
جرح الأحبة
أيها الحبيبان : ما لجرح فى ميت إيلام ، فالجرح ألم ومعاناة ، لا ينتهى ألمه إلا بالموت ، وهذه سنة بشرية ، ولكنها عند الأحبة لها مذاق آخر ، وطعم خاص ، فالقلب الذائب فى القلب ، والروح الممتزجة فى صفاء ، أماتت الذوات والأشخاص والنفوس والكينونة ، فكلما برزت النفوس ماتت القلوب والأرواح ، ووفق هذا المعنى ينقلب جرح الجفاء إلى غير ذى ألم ، فكل معاناة فى سبيل الحب تقوّى الروح مادام المحبان يسعى كل منهما بالمبادرة إلى الصفو وردّ الروح بوسائل الحب :
جحدتها وكتمت السهم فى كبدى
جرح الأحبة عندى غير ذى ألمِ
أعيدوا روح الحب :
بل كيف يكون الجفاء جرحًا ؟
والحبيبان كل منهما يقدم هذه الوسائل فى ذلة وانكسار ، واحتفاء وحفاوة ، وتضحية بكل شيء ، حتى الروح ... وهل بعد الروح من تضحيات ؟ فأعيدوا روح الحب وبددوا الجفاء .. وكفى .
3ـ فى الذكرى
حياة مع الحبيب
* الذكرى نبض حياة الحب :
تبقى الذكرى حية فى الوجدان تستعيدها الذاكرة بجلالها وسحرها ودقائقها ونسيمها ، ليس بالصوت والضوء يكون أثرها ، ولكن بقدر استعادتها بالروح والقلب ، فتشعر بنشوة تسرى فى الجوانح والجنبات ، وتمايل فى القلب والوجدان ، وأريج من عطر فواح ، هذه الآثار تمتد بعد انتهائها لتجعل منك مولودًا جديدًا فى مكان جديد ، وزمان جديد ، فهى أفراح الأحبة ومسرات الحب ، بقدر حالك يمنحك جمالها ، وبقدر تعلقك بالحب والحبيب تتعلق بك ، وبقدر انشغالك بالحبيب تنشغل بك ذكراه ، وهى منّة من الله للأحبة ، وهدية من المولى ، ومكافأة من الله .
والذكرى هى نبض حياة الحب الصادق ، ولذلك فهى لا تأتى من فراغ ، بل من انشغال واستفراغ ، لكلّ لحظة سعيدة ، فى مكان ساحر ، فى زمان رائق ، فى حالٍ صافٍ .
فمن البراعة والذكاء اختيار الأحسن دوما مع الحبيب ، فليست الرياض الضاحكة بوجهها والمبتسمة بعيونها ، إلى روح الحبيب وقلبه ، إلا لأنها مكان اللقاء مع حبيبه ، وما زالت تحمل فى أنفاسها روح الحبيب وكلمته وضحكته وبسمته ولمسته وحركته ، وهذه العيون وتلك الجداول وهذه الأمواج وتلك الأنهار ، ما حياتها إلا بما حوت من روح الحبيب ، وهو ينظر إليها ويكلمها ويداعبها ، وهذه السماء ببدرها وهلالها وضياء نجمها وجلالها ، تحكى حديثك وخطابك ، الأشجار والأغصان والطير والأزهار لوحة ساحرة من مائك وريّك تستمد حياتها ونضارتها وبهجتها .
* ذكرى عناق القلوب :
وتكتمل صور الذكرى حينما تتعانق القلوب ، وتحتضن الأرواح ، ويتحقق القِران ، فأى سحر وأى نسيم وأى عطر ، لهذا العناق ، حينما تطوى الحبيب بساعديك فى رفق وحنو ، وتطبع رسالة الحب بقبلة كالصبح المنور فيعم الضياء ، وتسرى فى الكيان نشوة رائعة من نسيم الفـم وعطـره الساحر ، دواء للروحين والجسدين معًا :
فكل نعيم فى الحياة وغبطة
على شفتينا حين تلتقيان
ويخفق صدرانا خفوقًا كأنا
مع القلب قلبٌ فى الجوارح ثانِِ
فى هذه الأثناء تتحرك لغة الحب فلا مجال للكلمات , وتتوارى الحروف ، والعـين تخاطب العـين ، تصبح الصفحة بيـضاء نقية ، وهذا هو تجديد الحب ... ويتوقف الزمن فى لحظة النشوة ، فهذا يوم الرضا :
لا أمسِ من عمر الزمان ولا غدِ
جُمع الزمان فكان يومَ رضاكِ
* اصنعوا الذكرى :
هذه اللحظات الباسمة ، وتلك الأيام الراضية ، ألا يحق للحبيبين استعادة نشوتها واسترجاع فرحتها دومًا ... فذكراها حياة مع الحبيب ، والعاقل من جعل كل لحظاته وأيامه مع حبيبه شمسًا للذكرى دائمة ، هذه هى الشمس التى لا تغيب أبدًا ، فى سماء الروح وأفلاك القلوب . فاصنعوا الذكرى بحُسن اللقاء واختيار المكان وسحر الزمان ، واجعلوا من كل وقت ولحظة ولقاء مع الحبيب ، جنة غناء ممتدة ، وحركة روح ، وخفة قلب ، تلهب الوجدان ، وتضيء الجوانح ، فإذا بالبُعد قُرب ، والتنائى اقتران :
وكل مسافر سيؤوب يومًا
إذا رزق السلامة والإيابا
* 4ـ ربـيـع الـحـب *
* القلب المفقود :
القلب الذى فقد الحب هو المفقود ! لأنه فقد روحه وحياته ، فهو موجود كلحم ونبض ولكنه لا روح فيه ، ولا عقل معه ، ولا وجدان ولا شعور ولا إحساس ، وقد أطلقوا عليه ( القلب الواهى ) لأنه أضاع الحب الذى هو مادة حيويته وحياته ، والقلب الذى فقد الحب ، وجد العذاب وحمل الآلام ، وهل خلقت القلوب من أجل العذاب والشقاء والألم ؟!!
* فقد الأحبة
والمحبون لابد أن يكونوا على حذر من عمل الأيام والليالى ، التى تصارعهم بفقد الأحبة ، وليس فقد الأحبة فى ابتعادهم أو هجرانهم أو سفرهم أو موتهم ، إنما فقد الأحبة فى فقد حبهم من القلب ، والناس صنفان موتى فى حياتهم ، فهم موتى فى قربهم أو حتى وهم معك ، وآخرون فى بُعدهم أحياء ، فهم فى سفرهم وتنائيهم أحياء ، حتى ولو كانوا فى شرق الأرض أو غرب الأرض أو تحت الأرض .. حيث راحة النفوس بذكرهم وذكراهم .. وهل بعد هذه الراحة من تعب ؟!
* ربيع الحب
من أجل أن نعيد للقلب حياته ، لابد أن يعيش دومًا فى ربيع دائم ، وليس هناك من ربيع دائم غير ريبع الحب ، روضاته فيحاء ، طيره فى شدو متواصل ، جداوله ماؤها يجرى ، أغصانه تصفق دومًا ، لا تنقطع بهجتها وفرحتها ، وإنما ذلك لسبب واحد :
أن ربيع الحب ( هو حديقة الأرواح ) ، ولذلك فحب حديقة الأرواح لا يعرف الخريف ، ولا يعترف بزوال ، ولا يدرك قيظًا أو بردًا .
* صفو متاح
فإذا كنت بالحب فى ( ربيع دائم ) تحيا فى ( حديقة الأرواح ) ، فهذا ( صفو متاح ) :
على المحـبين انتهاز هذه الفرصة , فالأقـدار لا نصنعها ، وإنما تأتينا ، وعلى العاقل انتهازها ، فأنت فى أحلى الأقدار ، وأحسن العنايات ، وأكمل الرعايات ، فاز من انتهز هذا الجو ، فاستفاد وأفاد .
وعلامة الانسجام :
ــ أن تضحك مع الرياض الضاحكة .
ــ وتذوب فى ربيع الحب .
ــ حتى يمتزج شعورك وإحساسك بمشاعره وإحساسه .
ــ ولا يكون ذلك إلا بالأرواح .
* حديقة الأرواح
فى هذا الجو الساحر ، تحلق الروح فى حرية وانطلاق ، بين أفنان وأفنان ، بين شـدوٍ وألحان ، تسـبح فى الصفـاء ، وتـغرق فى المـتعات ، فكل ما فى ( حديقة الأرواح ) لذات ، وإن كانت فى غيرها معاناة وآلام . فأشجار هذه الحديقة :
ــ شجون لا تهدأ
ــ جفون لاترقد
ــ ليل لا ينام
وأغصانها فى :
ــ بكاء القلوب
ــ ومخاطبة العيون
ــ وسحر العيون
ــ والكل فيها يستبق الجمال
لتبقى أحلى الذكريات التى هى صدى حكايات السنين
ما لروحينا عن الحبِ غِنى
ذقت الحبّ الراوى روحى ما لروحينا عن الحب غنى
إن قـالوا ما الحـبُّ ذهبـتْ رُوحـانا تشدو السحـر بنــا
كـالمـاء الـواحـد أصبحـنـا وكلانــا صـار يقـول أنــــا
وثـمـار الـحـبّ تــعــذبـنـا ما ذقنـــا أحـلى منـه جَـنى
ينـهـار العـاذل مـن حبّــى من رامــه شـرًا عزّ سـنَى
وحـياة الحـب تعــود بـنــا بالذكـــرى إسعــادًا ومُـنى
ولـقـاء الـحـبّ لــروحيــنا النبضُ الماضى والزّادُ لنـا
ذقت الحب الراوى روحى ما لروحينا عن الحب غنى
ثـانـيـًا
أصـول الـحـب
الحب
1ـ مــــن اللـــه وبالله وفـــى الـلـــه
2ـ معاشرة وتحقيق لا يعرف الفرقة
3ـ فتــــــــــــــــح مــــــــــن الـــلــــه
4ـ رحـــــــــــــــمـــــــــــة مـــن اللـه
(1) الأصـل الأول
الحـب
من الله وبالله وفى الله
الزواج ... حياة الحب الحقيقى .. والحب مادة الزواج الصادق ، حتى الأنبياء مع عظم ما كلفوا به من مهمة وأداء لم يتركوا هذه الحياة ، وكذلك من حمل هذا الإرث من بعدهم :
{ ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجًا وذرية وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب } الرعد : 38 .
فلا الزواج يعطل عن المهمة ، ولا الحب يعجز عن الأداء ، لأن الآيات بإذن من الله ، وليست من ابتكار واختراع المبدعين ، وليست بالعزلة والانعزال عن حياة البشر ، وإنما تنطبق على الجميع أحكام الناس : { لكل أجل كتاب } الرعد : 38 ، فكل هناء أو عزاء إلى فوت ، ولا يبقى إلا المعنى ولا تعيش إلا الحقيقة ، وهل هناك أجلّ من الحب معنى ، ومن جميل المعاشرة حقيقة ؟!!
ولذلك جعل الله الزواج آية من آياته فقال : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون } الروم : 21 .
ومادة هذه الآية تلك الحياة التى بيده تعالى من سكن ومودة ورحمة وامتزاج وتصافى فى الشعور والوجدان ، لا نصنعها وإنما صانعها هو الله تعالى ، ومانحها المولى عز وجل .
وكم من أزواج وزوجات كانت بداية حبهم التوجه إلى الله بالدعاء والصلة ، أن يجمع بينهما فى خير وعلى خير ، وأن تتحرك فى قلبيهما وروحهما قدرة المولى بآية الالتقاء بالنقاء ، والاجتباء بالصفاء ، والإحياء بالهنا ، فأنطقت الأرواح ــ التى تلاقت منذ الأزل ــ القلوب بالخفقان ، والنفوس بالتوقان ، والألسنة بالدعوات ، ألا يكون افتراق ، وأن تمتد عبر الأرض أحلى حياة أرادها الله للإنسان .
وهو وعد الله لمن به توجه وإليه توجه :
{ والطبيات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون ، لهم مغفرة ورزق كريم } النور : 26
ومن ثـم تـتحرك آية الله عـلى أصل ركين ، ويـنمو الحب ويثمر عبر الزمان ، لأنه من الله وفى الله وبالله : { فـلما قضـى زيد مـنهـا وطـرا زوجناكها } الأحزاب : 37 ، أى بأمر من الله ، ليمتد المعنى وتتواصل الحقيقة ويبقى الأصل لمن أراد الاستمرار بالحب ، أن يعلم أن المانح هو الله { وكان أمر الله مفعولا } الأحزاب : 37.
من الله بدأت ، وعلى الله تسير ، وبالله تخطو ، وفى الله تحيا ، مع كل المراحل العمرية ، شبابًا ثم كبارًا ، مع كل الظروف الحياتية ، سعة وضيقًا ، ومع كل الأجواء ، حلوها ومرّها :
{ فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن ءاتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين } الأعراف : 189 .
{ إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم } النور : 32 .
قالت لى الحبيبة زوجتى عن هذا الأصل :
( إن هذا الحب هو نتاج دعاء ، فهو رزق من الله تعالى ، هو دعاء الله فى مقام إبراهيم ، دعاؤك كذلك ، أن يجمعنا الله وأن يربط على قلوبنا .
فعلى من علم هذا الأصل أن يكثروا من قول :
ما شاء الله ولا قوة إلا بالله
كلما رأوا فرحة أو نشوة أو صلة
ويعلموا أنها من عطاء الله ورزقه .
وهى ثمرة العمل الصالح والإخلاص لله ، ثم من قبل ومن بعد :
الحب والسكن والأنس معك ) .
(2) الأصـل الـثانى
الـحـب
معاشرة وتحقيق لا يعرف الفُرقة
وعبر الزمان ينمو الحب بالمعاشرة والعِشرة والتحقيق ، والانتصار على العقبات ، وليس ذلك تخويفًا فى أفق المحبين ، بل هى طبيعة طريق الحب ، الذى يمتحن : { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض } الرعد : 17 ، نعم يضرب بجذورعميقة ، ويمكث قويًا شامخًا .
إنهـا رحـلة الحـياة عـبر الزمـان ، وروح حـياة هـذه الرحـلة هـذا الحب الذى يعيـش ، بالمعاشـرة والعـشـرة ، بالمعـروف والوصـال بالله تـعـالى : { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا } النساء : 19 ، { ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف } البقرة : 228 .
وبالـتـقـوى والخـشـوع واللـجـوء إلى الله وحكـمه وأمـره ، بالالتـزام والإيـمان والإعـجاب بهما وحدهما دون غيرها : [ فاظفر بذات الدين تربت يداك ] , يقـول تعـالى : { ولأمة مـؤمنة خـير من مشـركة ولو أعجـبـتكم } البقرة : 221 .
بالاقتران والمشاعر الواحدة والانصهار التام : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } البقرة : 187 .
بحياة الطهر والنقاء وحب ما يحب الله تعالى :
{ فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } البقرة : 222 .
بمقاطعة الشهوات والابتعاد عن أهلها الذين يريدون للزوجين الميل العظيم والولوغ فى بحور الخطايا : { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيمًا } النساء : 27 .
وأخـيرًا بالحـذر من الشيـطان ومكـره ، فى تفرقة القلوب بفقدانها للحب :
{ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجته وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } البقرة : 102
هذا الأصل يدعو إلى التريث لمن أراد المكث ، والتمهل لمن أراد الاستمرار ، فلا يستعجل ثمرة قبل نضجها ، فيفـقـد حلاوتها ولا يذوق طعمـها , تقول زوجتى :
( ثانى شىء هو أن هذا الحب نتاج معاشرة وعشرة ومعايشة ، ونتاج زمن فلا نستعجل , ولنعلم أن الشيطان من مكائده التفرقة وأول التفرقة " تفرقة القلوب " ) .
(3) الأصـل الـثـالـث
فتحٌ من الله
روى البخارى ومسلم عن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أى الناس أحب إليك ؟ قال : [ عائشة ، قال : فمن الرجال قال : أبوها ]
فلم ير صلي الله عليه وسلم غير عائشة , أو ما يمت إليها بصلة , فقال صلى الله عليه وسلم من الرجال : أبوها .
وهذا الأصل مع الزمن يقوى ، ويزداد مع النائبات قوة وخلوصًا كالذهب ، فما دامت القلوب يرفرف فيها الحب ، والأرواح قد تلاقت على الحب ، فكل كلمة أو سكنة أو حركة ، وكل عقبة أو ظلمة أو نائبة ، وكل فرحة أو نشوة أو بهجة ، كل ذلك ينقلب برحمة من الله إلى فتح جديد وطريق يبعث الروح فى الحب ليسمو ويزداد وهذا هو تجديد الحب الدائم .
تقول الحبيبة زوجتى :
( إن طرق الحب كثيرة وكلما شغل المحبين حبهم فتح الله عليهم بطرق ، حتى أن الله يفتح عليهم من طرق الحب التى لا تنتهى ، التى تزيد المحبين اشتغالا كلما زاد عمرهم وتقدم بهم الزمن ) .
تذكرت فعل الليالى مع أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فى حادثة الإفك كما ترويـها بنفسها , فبعد أن علمت بقصة الإفك أخذت فى البكاء وتقول لأمها : يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا ولا تذكرين لى من ذلك شيئًا ! قالت : أى بنية خففى عليك الشأن فوالله لقلّ ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن وكثر الناس عليها .
ثم تقول أم المؤمنين : ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت : ولكن سأقول كما قال أبو يوسف : ( فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون ) .
فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ــ نعم لحظات كانت رهيبة التى يستقبل فيها خبر السماء ــ تقول عائشة رضى الله عنها : ( فوالله ما فزعت وما باليت , قد عرفت أنى بريئة وأن الله غير ظالمى ) .
وكان المشهد الأخير بعد أن سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يقول :
[ أبشرى يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك . قالت : قلت الحمد لله ] .
وهكذا انتصر الحب ..
وازداد بهاءً ، لثقتها الكاملة بربها ، وصبرها على تكاليف الحب فى قلبها ، رغم بكائها المتواصل وحزنها المكبوت وآلام نفسها واختلاط الأسماء عليها .. فى لحظة صدق سمعت من قلب النبى صلى الله عليه وسلم :
أبشرى يا عائشة ...
فكان الشكر خاتمة لطريق قد فتحه الله بقولها : الحمد لله .
وهذا الفتح من الله الذى لا يتناهى لا ينزل عشوائيًا وإنما ينزل على القلوب التى أفناها الحب وأضناها الود ، ويكفيها أن يكون دعاؤها :
اللهم إنك ترى مكاننا وتسمع كلامنا ، علمك بحالنا يغنيك عن سؤالنا ، حينما قالها الخليل لخليله : تـبدلت طبيعة الأشياء : { قلنا يا نار كونى بردًا وسلامًا على إبراهيم } الأنبياء : 69 .
وكذلك بالحب ..
تنقلب عاديات الناس إلى رحمـات وفتوحات وفـيوضات ، وهى رصيد يزداد , عبر الزمان وتقدم العمر ، فالحب لا يهرم ، لأنه الشمس التى لا تغيب ، والربيع الدائم ، ثم لأنه ماء الروح :
{ ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى } الإسراء : 85 .
يا صديقى جنب الماء فمى
عطش الأرواح لا يُروى بماء
وإنها لصورة محببة إلى القلوب أن نرى الحب يجمع الزوجين وقد تقدم بهما العمر ، بنفس المشاعر وبنفس اللغة ، فالحب هو الروح الفتية فى أجساد متهالكة :
{ قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشيء عجيب ، قالوا : أتعجبين من أمر الله ، رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت , إنه حميد مجيد } هود : 72 ـ 73 .
(4) وأخـيـرًا
الحب رحمة من الله
{ وجعل بينكم مودة ورحمة } الروم : 21
هذا هو الحب ، من الله مودة بالقلب , ورحمة بالمعاشرة ، ومن ظن أن الرحمة منه فقد أخطأ ، فنحن محتاجون دائمًا إلى رحمة الله :
{ وربك الغنى ذو الرحمة } الأنعام : 133 ، حتى الملائكة قبل أن تدعو للمؤمنين يقولون : { ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلمًا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } غافر7.
ومن ثم فمن أراد رحمة فليس له إلا الله وحده : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } الأنعام : 54 ، فلا تعجب أن يكون الحب رزقًا من الله , يجعله فى قلوب من يختارهم لصدق الحب ، وفناء المحبين : { والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم } البقرة : 105 .
وكلما أخلص المحبون وتجردوا وصدقوا وأحسنوا الحب كانت الرحمات : { إن رحمت الله قريب من المحسنين } الأعراف : 56 .
{ ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون } الأعراف : 156 .
وفى دعـاء عباد الرحمن الذين يعـيشون فى رحـمة الله وبرحمـته ، تساوى فى فهـمهم :
حياة الحب الصافـى الذى تقرّ به العـين فى الـبيت المؤمن : ( بالزوجة والذرية ) ، مع الدعوة إلى الله ونشر الإسلام والجهاد فى سبيل والتمكين لدين الله , وقيادته للدنيا بالله تعالى :
{ والذين يقولون هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا } الفرقان : 74 .
فعلى كل حبيبين تلاقت روحاهما عند كل خفقة قلب ، أو خلجة نفس ، أو ارتعاشة بدن ، أو نشوة روح ، أو بهجة كيان ، أن يسجدا لله شكرًا , ويقولان معًا :
{ هذا رحمة من ربى } الكهف : 98.
فما بهما من نعيم فمن الله :
{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم } النور : 14 .
ثالثًا
مستقبل الحب
1ـ من أجل حب دائم
2ـ لغـــــة الحـــــــب
3ـ طـــــريق التغـيير
4ـ بحــــــــر الحـــب
1ـ مـن أجـل حـب دائـم
ما يقلق المحبون هو المستقبل ، هل يهنأون دومًا بثماره ؟ وهل يحيون العمر كله فى سحره ؟
ومستقبل الحب كالشجرة ما دامت أصولها عميقة فى الأرض ، وفرعها شامخ فى الفضاء ، تبقى مع الزمن ، إن كان الماء يمدها بالحياة ، وكذلك مستقبل الحب ، مادامت الأرواح تغذيه والأصول ثابتة ، فالفروع شامخة ، والثمار جانية .
والشجرة حينما ينقطع ماؤها لا تموت على الفور بل تظل زمنًا تصارع ولكنها لا محالة إلى موت وزوال ، وكذلك الحب لا ينفع فيه هذا الخداع ، فلا ينخدع بمظاهره أحد وإن بقيت دهرًا ، إن انقطعت الأرواح عن مهمتها وعملها ووظيفتها .
وإن كنا نحن الذين نصنع مستقبل الحب بهذه القواعد والشروط ، فكان لزامًا على كل زوجين وهما يمارسان الحب أن يحققا عدة أمور لتبقى روح الحب بينهما قوية متينة .
أولاً : الفهم المتبادل
لا معـنى أراه للفهم المتبادل بين الزوجين إلا بفتح باب القلب ليتواصل الحب ، بمعرفة المشاعر والمصارحة بالإحساس ، فلا كلمة تفسر فى غير معناها ، ولا ايماءة تترجم فى غير مرادها .
فالصمت معلوم ، والقول مفهوم ، حتى النبض بأسراره ، والخلجات بمعانيها ، والنظرات بخفاياها ، كل ذلك فى إدراك تام للحبيبين معًا .
ولا تتحقق هذه الصورة الوضيئة إلا حينما يدرك الزوجان أنهما ( رجل وامرأة ) لكلٍ طبيعة مختلفة , وكل طبيعة تحتاج إلى معرفة وتفهم ، ثم ممارسة جميلة ، وما دمنا قد اقتنعنا بذلك , انظر معى إلى ما تقوله الدراسات النافعة فى هذا الجدول :
تقول الدراسة :
المرأة
الرجل
1ـ تتحدث عن التفاصيل دائمًا وانصراف الزوج تفسره بأنه لا يرغب فى سماعها أصلاً مع أنه لا يريد الاستماع فقط إلى التفاصيل .
1ـ يشعر بأنها تحتاج إلى حل المشكلة وطبيعة الأمر أنها لا تحتاج إلا إلى تعاطف وموافقة على رأيها وتصرفها وسلوكها فقط !!
2ـ تتدخل فى عمل زوجها لتصنع له مستقبلاً ورديًا وحريصة على ذلك .
2ـ يشعر بأن ذلك سيطرة عليه وفى تقديم المشورة له عدم ثقة بقدراته فى إدارة أعماله .
ملخص ذلك :
الرجل : يبحث عن تحقيق الأهداف .
المرأة : تبحث عن الحب والحنان والجمال والتواصل والعلاقات الإنسانية الساحرة .
الحل : الفهم المتبادل بتحقيق وممارسة ذلك فى صورة واقعية فالمرأة : لا تسيطر على الرجل وإنما هى تريد مشاركته فى شعوره ومشاطرته فى إحساسه ومبادلته له فى الإحساس والمشاعر , وعلى الرجل مراعاة ذلك ولا يعاملها كرجل يحل له المشكلة أو أنه يجنح للسيطرة عليه .
ثانيًا : وجهات النظر
ربما يظن الزوجان أنهما مختلفان فى وجهات النظر ، وليس الأمر كذلك ، وبالبحث عن السبب وجد أنه أضعف وأوهى من ذلك , وانظر إلى هذا الجدول :
تقول الدراسة :
المرأة
الرجل
نعم تحتاج إلى النصيحة ولكنها تنظر إلى توقيتها وطريقة عرضها .. فهى تطلب النصيحة حيثما لا تكون غاضبة وتطلبها كذلك بإلحاح ولكن بعد تفهم مشاعرها والتعاطف مع كل ما تبديه من أسباب .
نعم يحتاج إلى النصيحة ، ولكنه يكرها حينـما تُـقدم له فى نفـس الوقت ...ويأخذها بحساسية وخصوصًا : أمام الآخرين .
الملخص :
ومن خلال ذلك يشعر الرجل بأن حلوله ووجهات نظره المقدمة التى لا تأخذ بها المرأة : بعدم ثقتها به وعدم تقديرها له .
وبالعكس : تشعر المرأة أن حاجتها لا تُحترم وشعورها غير مُقدر .
الحل : معرفة السبب المتبادل ومراعاته فتعطيه نصائح عند طلبها وتشاركه ولا تنقده أمام الآخرين , وكذلك الرجل يختار الوقت وطريقة العرض ويتفهم أولاً مشاعرها ويتعاطف مع مواقفها وآرائها .
ثالثًا : حل المشكلات
تقول الدراسة :
المرأة
الرجل
تشـعر بالتحسـن فى الحديث عن المشـكلة ولكنـها لا تهـتم بحل المشكلة .
يشعر بالراحة عن طريق حل المشكلة ويمر بفترة صمت حتى يحل المشكلة .
الحل :
لابد أن يتفهم الاثنان هذه الطبيعة ، فالمرأة : لا تتوقع أن يتحدث الرجل عن مشكلاته بإسهاب . والرجل : لا يتوقع من المرأة أن تكون عقلانية فى حل المشكلة وبالتالى لا يعتزلها أو يهملها فإن الأمر حينئذ يتفاقم .
رابعًا : الشعور بالأهمية
تقول الدراسة :
المرأة
الرجل
تشعر بالأهمية عندما تجد الرعاية بمعنى الاهتمام والحماية والعاطفة والفهم والعناية وبالتالى يكون منها الإنجاز فى الأعمال وتقديم المزيد .
يشعر بالأهمية عندما يتحقق من حاجة الآخرين إليه والتفافهم حوله بغض النظر عن مشاعرها .
الحل :
المرأة : تُشعر الرجل بأهميته وحاجة الآخرين إليه بقولها وفعلها وتمزج ذلك بإحساسها .
الرجل : يُشعر المرأة بالحب والعطف والحماية والعناية فهذا مطلبها وتشعر فى ذلك بأهميتها .
تحذير
( إياك وقتل الحب )
ليس التفاهم بمعرفة الطبيعة , والعمل وفق متطلباتها , وتنفيذ باقى الدراسات , دون حركة الروح والقلب والوجدان ...
فمن نظر إلى التفاهم من خلال نظرة مادية فقط لا يحقق المطلوب , وما أردنا له ذلك وإنما هذه وسائل معينة فكما يقولون :
( ما يقتل الحب هو شعور أحد أطرافه بأنه أعطى الكثير دون أن يشاركه العطاء الشريك الآخر.
ولن يتحقق ذلك إلا بالمعادلة فى درجة العطاء والأخذ بمقدار يسد حاجة الشريك ولا يتحقق ذلك إلا بفهم طبيعة كل منهما للآخر ) .
ثم تزيد ، ولن يتحقق التفاهم المطلوب , إلا بامتزاج الروح , واقتران القلوب ، فإياك إياك وقتل الحب .
2ـ لغة الحب
فى الدراسات الحديثة يطلقون عليها ( لغة الاتصال ) ويعنون بها كلمات واحدة ولكن تحمل معانى مختلفة ، وعند اختلاف المعانى تكون الممارسات المتنوعة بين الخطأ والصحة ، ويترتب على ذلك الكثير من المواقف المفرحة أو المحزنة ، فهل بالفعل هناك لغة لا تحمل إلا المعنى المكنون فى مشاعر قائلها ، ويتلقاه الإحساس كما هو دون تحوير أو تحريف ؟! .
يقول أبو فراس الحمدانى :
تقول إذا ما جئتها متدرعًا
أزائر شوق أنت أم أنت ثائــــر
فقلت لها كلا ولكن زيارة
تخاض الحتوف دونها والمحاذر
وبالتالى فمهما كانت الأقوال عند طارقات النوى ، ومهما تحركت الحروف بمخزون الفوائد ، فالشعور بالأحوال ، يتولد عنه مقاسمة الهم ، وفهم المعانى ، واتصال الحب ، وإن كانت الكلمات لا تحمل فى ظاهرها ذلك .
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعى فى الحوادث غال
ربما كان ظاهر الكلام عند المرأة يجعل الرجل يشعر بالضيق والتبرم وربما بالغضب ، وتظل هى باكية لأنها ما أرادت غضبه ، فلم ينتابه الضيق وما أرادت إلا راحته ؟!
ويظل الأمر مبهمًا ، لعـدم الفـهم والتفسير الخاطيء ، وبالتالى تكون الاستجابة خاطئة لا يتوقعها الطرف الآخر ، والحلول :
1ـ أن يعرف الاثنان طبيعة كل منهما فالمرأة تحترم فى الرجل ( الصمت ) وتتركه لفترة بعدها سيخرج من صمته طواعية ، ولا تحرجه بكثرة الأسئلة فتفسر عدم إجابته بأنه عدم اهتمام بها .
وعلى الرجل : لا يأخذ المرأة بظاهر كلامها فيغضب ، ولا يحمله إلا بما في مشاعرها هى .
2ـ الرجل مع الرجل يحل مشاكله بعدم إظهار القلق أو التقليل من المشكلة وأهميتها .
المرأة عكس ذلك : تحتاج إلى إظهار القلق وانزعاجها بحد ذاته هو استجابة للمشكلة .
3ـ لا تقدم المرأة النصيحة إلا عند الطلب بل تقدم فقط الحب والقبول وليس محاضرة سلوكية .
4ـ سيسأل الرجل بعد الحب والألفة عن وجهة نظرها وهنا تتقدم بالنصيحة المطلوبة برفق ، ومعنى الرفق ( شعوره بالأمان بعلاقة دافئة لا تشعره بالحرج خاصة فيما يرتبط بسلوكات فى الملبس أو الأكل أو الذوق ) .
3 – طرق التغيير
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } الرعد : 11 ، فمن الأمور الطبيعية أن يتغير الرجل والمرأة معًا إلى الأفضل ، ومن طرق التغيير المقترحة :
1ـ عدم إلقاء اللوم :
لأنه من الأسباب المدمرة وكما قيل : ( العلاقات غير الناضجة دائمًا تميل إلى لوم الآخـر عن كل الأخطاء ) ولـذلك تكـثرعـبارة : ( أنتَ السـبب ) أو ( أنتِ السبب) .
والعجيـب أن هذه العبارة قد تنتشـر لأول وهلة عند الأخطاء بين الزوجين ولكنها تحمل معانى غير ظـاهرها خاصة عند يمتـلك الزوجين الغضب
تقول الدراسات :
المرأة فى غضبها لا تعنى اللوم فى لومها وإنما تعتقد أن تناقش الموضوع وليس أنه مسئول عما حدث ويحدث .
كذلك الرجل فى غضبه لا يعنى إلقاء اللوم وإنما يعتقد أن يناقش الموضوع
وليست أنها مسئولة عما حدث .
الحل :
مسئولية الرجل أن يتركها تتحدث فتشعر بسعادة وفرحة
لأنها عبرت عما يضايقها
وكأن لسان حالها يشكره
وكذلك المرأة فى مسئوليتها
وهذا الفرق بين الشجار والفهم .
2ـ المشاركة من الاثنين
من طرق التغيير أن يعتقد الزوجان ، أن المشاركة تضامنية ، ولا يخلو أحدهما من تحمل مشكلة ما , ولذلك فلا يتحمل المشكلة أحدهما ، وقد تشكو المرأة ولكن شكواها فى الحقيقة تعبييرفقط عن إحباطها بالحديث فى المشكلة ، وحتى لا تسرى هذه الروح اليائسة فهناك من الكلمات السحرية لتعضيد الرجل مثل :
( إنها ليست غلطتك ) و ( أنا ممتنة بأنك تنصب إلىّ ) بشرط واحد وهو أن ينصت الرجل إلى ما تقوله المرأة ولا يعلق ولو بكلمة .
3ـ فن الابتعاد وتفهمه
سحابات تمر فى عالم الرجل والمرأة تجعل كل منهما يبتعد عن الآخر
فهل لهذا الابتعاد فن ؟ ..
كما يقولون بمعرفة السبب لا عجب ، وحيث يعرف الرجل لماذا تبتعد المرأة ويتفهم ذلك ، وكذلك المرأة تتفهم طبيعة ابتعاد الرجل ، فإذا بهذا الابتعاد ينقلب إلى مجال ضاحك ومواقف باسمة , فى أحلى اقتران وأجمل قرب !! وهنالك نقول : فن الابتعاد .
تقول الدراسات عن الابتعاد بين الزوجين :
المرأة والرجل
تبتعد لسبب واحد : أنها لا تثق فى أن الرجل يفهم شعورها عندما تجرح
مثل موج البحر يعلو ويتخفض .
يبتعد لسبب واحد : أنه مثل الشريط المطاط يبتعد ثم يعود من جديد
بل ويعود إلى نفس النقطة التى تركها .
الحل :
المرأة :
لا تحاول إدخال الرجل فى حديث بشكل مباشر
بل تتحدث هى وتشعره بالامتتنان لتقبل حديثها .
الرجل :
يفهم مشاعر المرأة ويبدى الوعى بما تحس به
خاصة عندما تجرح ويستمع لحديثها .
4ـ بحر الحب
بهذا الحب تتبدل طبيعة الأشياء ، فالعين عين الحب ، واللغة لغة الحب ، والرائحة رائحة الحبيب ، حتى قالوا : حب أو موت وليس حياة أو موت ، عندها قال عبد الملك بن مروان لبثينة : ما أرى فيك شيئا مما كان يقوله جميل فقالت : يا أمير المؤمنين إنه كان ينظر إلى بعينين ليستا فى رأسك .
وحينما هددوا ( جميلا ) بوجود ( أخو بثينة ) فى مكة والذى جاء لتهديده ، قال عن رائحة الحبيب :
وقالوا : يا جميل أتى أخوها
فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب
وعن الحب أو الموت قال بعضهم :
منى الوصال ومنكم الهجر
حتى يفرق بيننا الدهرُ
والله لا أسلوكمو أبــــــدا
ما لاح بدرٌ وبدا فجرُ
ولذلك فالحب بحر أمواجه المرأة والرجل معًا ، قال بعضهم :
( إن المرأة فى الحب كموج البحر تعلو وتنخفض فى العلو تعطى الحب وفى الانخفاض تري من يعطيها الحب )
أليس ذلك دورالموج حينما يأخذ بعضه فى تلابيب بعض ، إذا انخفض موج يرفعه آخر ، فإذا ارتفع أخذ بيد المنخفض ، فى حركة لا تعرف التوقف أو التعثر ، هكذا دور الزوج مع الزوجة ، أو دور الاثنين معًا ، زوج يسامح ويقدر ويعطى الحب ، فالمرأة تعلو حينما تشعر بالحب ، فتعتد بنفسها ، وترتفع وتعطى أنواعًا من الحب عديدة .
وتلقائيا تنخفض فتكون فى حاجة إلى الحب ، فهى مرتبكة قلقة منعدمة الأمل غير آمنة وغير واثقة ، وما ذلك إلا لحاجتها إلى الحب ، ومفتاح ذلك فى يد الزوج ، وفى روح الزوج ، وفى قلب الزوج .
طرق الحب
أو كيف يعطى الاثنان الحب لبعضهما البعض ؟
قالوا عن إجابة هذا التساؤل :
( الحقيقة أن كليهما يعطى الحب ولكن ليس بالطريقة والمحتوى اللذين يتطلبهما الشريك الآخر ) .
ولذلك يخطـأ الكثير حينما يريد أن يأخذ الحب بنفس الطريقة التى يعطيها هو ، فمخاطبة الرجل والمرأة مختلفان ، فالرجل يعطى ما يظن أنه بحاجة إليه وكذلك النساء ، ولكن لا يحصل كلاهما على شىء بعد العطاء .
ومثال ذلك :
المرأة تهتم بعمل زوجها فتسأل وترعاه , ولكنه قد يفسر ذلك بالسيطرة فتشعر بعدم تقدير من الزوج واهتمام بها ، ولو أن كليهما تفهم طبيعة الآخر ، اقتربت المسافات ، ولو أن كليهما تلقف الفعل والممارسة تحت ظلال الحب ، فى العطاء الجميل ، والأخذ البديع ، عطاء بلا منّ ، وأخذ بلا شكوى أو طلب ، لزالت مسافات الفهم ، وتحركا كروح واحد .
ومثال آخر :
الرجل يكون محبًا لزوجته ولكن طريقة الحب تشعرها بأنها ليست ذات قيمة ، وذلك عندما تغضب , فيهون المشكلة للتخفيف , ظانًا بأنه يحلها ، ولكنها تشعر بأن ذلك إسفاف بها ، ولقد تحدثنا عن ذلك من قبل ، فعن طريق التفاهم قد تقترب المسافات ، ولكن فى ظلال الحب ، فقط ، تزول هذه المسافات .
بحر الحب الجارى
ونقطة التلاقى الجميل التى بها الاستمرار والجريان والحركة ، هى ممارسة طريقة الحب ، من الاهتمام والرعاية والفهم والاحترام والإخلاص والدعم وهذه طرق الحب للزوجة .
ومن الثقة والقبول والاعجاب والامتنان والموافقة والتشجيع وهذه طرق الحب للزوج ،.
وليس معنى ذلك أن ما يحتاجـه الزوج لا تحتاجه الزوجـه ، وإنما هى أولويات للوصول إلى القلوب ، وإنما الاثنان يحتاجان إلى كل هذه الطرق ، ليست كذلك هذه الطرق هى وحدها كنقاط التلاقى والاستمرار, بل هى طرق لا تتناهى ، يفتح الله بها لكل قلبين موصولين به ، إخلاصًا وتجردًا وصدقًا وعطاءً وأخذًا .
فالأصل امتزاج المشاعر ، فالرجل ينصب للمرأة بمعنى ينصت لشعور المرأة ، وهى تنتظر عندما يفكر ويصمت حبًا وإعجابًا وموافقة ، وإن خلا هذا العمق فمهما كانت الأشكال مقبولة فهى خالية من الروح ، ولذلك قيل : ( إن ذلك يميت الحب ) .
فالاختلاف والاتفاق لا يضران ، ما يضر هو طريقة تناولها بلغة الحب وروحه أو عدم ذلك ، فإن ما يؤلم ليس ما نقول ولكن طريقة قولنا له ، وكلما قوى الحب وازدات العاطفة ، يكون ذلك أكثر تأثيرا وعمقًا ,
وتزداد هذه الطرق جمالاً وإجلالاً ، وعمقًا على عمق ، وتأثيرًا على تأثير ، حينما يعتقد الاثنان مع كل ذلك ، أن لكل منهما حياة وأفكاراً وآمالاً يراعى بعضهما البعض فيها .
وأخيرًا :
هذا نور الحب ، إذا تمـكن امـتدت ضياءاته
ومتى وجد كان التعبير الموفق
وكانت الممارسة الساحرة
وكان الامتزاج الجميل
فأينما حل التنوير وجد التعبير
وعاش الزوجان فى حياة الحب ، بأصوله العميقة ، ومستقبله المشرق الوضاء
رابعًا
رسائل حب
عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة
فإن أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما ] الجامع الصحيح حديث 1977
أولاً : نوع النظرة
لم يحدد نوع النظرة من الزوج أو الزوجة ، نظرة مودة أو شفقة ، نظرة حنان أو حب ، نظرات رغبة أو شهوة ، فهى كل ما يؤدى إلى علاقة حلال بين الزوجين فى قوله [ إلى امرأته ] .
ثانيًا : تبادل النظرات
مبادلة النظرات بين الزوجين وإن كان الذى يبدأ هو الرجل ، فعلى الزوجة أن تكون إيجابية ، تبادل زوجها النظرة .
ثالثًا : أخذ بكفها
لم يقل : ( لمس يدها ) ففيها الدفء والحنو والاحتضان ، يمسح على الكف كعصفور يرعاه ويدفئه .
رابعًا : ثمرات اللحظة
فى النفس والروح والعقل والبدن والكيان وهى :
( نظر ــ ونظرت ــ نظر الله ) .
ونظرة الله : نظرة رحمة
ثم فى أخذ الكف وبين الأصابع ( تساقطت ذنوبهما ) معًا ، ليس لأنهما صاما أو قرآ القرآن أو صليا فى الليل ، ولكن لأنهما تصافيا بلحظة حب صادقة.

ليست هناك تعليقات: