ღ نحو القـــمـــة ღ

ღ نحو القـــمـــة ღ
معاً نحلق نحو القمة
نغوص في فضاءات أنفسنا
ونتناسى للحظة همومنا وآهاتنا
فنحيا حياة صادقة بلا قيود ولا أنظمه
نحيا اللحظة بكل مافيها
" ونترافق معاً نحو القمة"


الجمعة، 27 فبراير 2009

ملخص كتاب القوة الفكرية في المغناطيسية الحيوية ..وليم ووكر أتكنسون

تعريب : حنا أسعد فهمي
تقـديم
لهذا الكتاب أهمية عظمى لأن المؤلف ابتكر خطة جديدة لسلوك المرء في الحياة الدنيا يمكن لكل فرد اتباعها . فالمؤلف لا يضيع الوقت جزافا في ذكر نظريات لا فائدة منها بل يتناول مباشرة القصد الذي ينحوه فيقول للقارئ صراحة ماذا ينبغي أن يعمل وكيف يصنع . والصدق في القول والصراحة في التعبير هما اللذان جعلا لهذا الكتاب قوته المقنعة بقدرة النفس وبالثقة بالذات اللتين تناول شرحهما شرحا بسيطا معقولا مبنيا على الأسس المادية المحسوسة . وأنك لو تسائلت هذه الأسئلة : هل أستطيع أن أجعل حياتي أكثر سعادة وأكبر نجاحا بقوة فكري ؟ هل أستطيع التأثير على حوادث الحياة بتنمية هذه القوة؟ كيف أبرأ من السويداء والفشل والخوف والضعف وانشغال البال ؟ كيف أتمكن من التأثير على الناس الذين هم أقوى مني وأرجو منهم نفعي وتعضيدي ؟ كيف أعرف أسباب ما يعتريني من الفشل وهل أقدر على إزالة تلك الأسباب ؟ هل أستطيع زيادة كفاءتي وتقويتها وكيف أتغلب على المذلة وأتجمل بصفات السيادة وما هي الوسائل التي استمد بها القوى الحيوية والأدبية والجسمية ؟ بأي وسيلة أكتسب صداقة الآخرين وما هي الجادة التي اتبعها لأؤثر تأثيرا حميدا على بني جنسي بقوة الوحي النفسي ؟ كيف أؤخر زمن الشيخوخة العصيب فأظل حافظا صحتي وهندامي وكيف أبرأ من الأدواء والأمراض التي تنتاب الجسم والنفس؟ هـذا الـكــتابيجيبك على كل هذه الأسئلة بأسلوب واضح جلى لاغموض فيه ولا ابهام . والمدهش هو أن هذا الكتاب لم يظهر في عالم المطبوعات قبل الآن مع ما تضمنه من الفوائد الجمة و النصائح والإرشادات المهمة . فكل إنسان استرعت أنظاره بعض الظاهرات السيكولوجية ولم يدرك أسبابها وعللها يجد في هذا الكتاب مفتاح لأكثر ألغازها وأحاجيها . ( المترجم )
الفصل الأول تمهــيد آراء المؤلفين في المغنطيسية الحيوانية - نظرياتهم - نجاح المرء متوقف على الاختبار وليس على النظريات - بالاختبار لم يبق مجال للشك في وجود المغنطيسية الحيوانية - لا يجب التسليم إلا بالواقع المؤيد بالتجربة . ليست النظريات إلا فقاقيع كبيرة من الصابون يلعب بها رجال اعلم والعرفان .ان غالب المؤلفين الذين كتبوا عن موضوع المغنطيسية الحيوانية أرادوا التدليل على حقيقة وجوده والبرهنة على تفسيره ببعض نظريات يستحسنونها وكانت جميع مجهوداتهم تدور حول هذا الغرض الذي حاولوا الوصول إليه بتسويد الصحائف العديدة . قال بعضهم أن قوة التأثير على الغير ترجع إلى تغذية الجسم بالنباتات فقط وقد نسوا الكثيرين الأشد مغنطيسية يجعلون من معدتهم معاصر لحوم . وأكد آخرون أن العزوبة تكسب الإنسان تلك القوة المغنطيسية مع أن المشاهد عدم وجود فرق بين المتزوج والأعزب من حيث القوة المذكورة، وذهب فريق ثالث إلى أن الهواء الذي يحيط بنا من كل جانب هو الحامل للقوة المغنطيسية ولذلك يقولون أن من يتنفس بملء رئتيه يحصل على مقدار كبير من المواد المنعشة فيكسب الجسم تلك القوة كما لو كان يلمس الإنسان بطارية كهربائية، وهكذا كل أدلى بدلوه في الدلاء يحبذ نظريته ، وإني لا أرفض قطعيا هذه النظريات ولا اسلم بها بدون تحفظ . لست ممن يتغذون بالنباتات دون غيرها ولكني اعتبر هذا النوع من التغذية مفيدا بعض الإفادة ، ولست من أنصار العزوبة مع أني أحبذ كثيرا أولئك الذين يعيشون على العفاف والبتولة ومع عدم تسليمي بنظرية (( تنفس الجو بكثرة )) فاني أفضل استنشاق الهواء بأكبر مقدار ممكن وأرى أنه لو كان كل الناس يستنشقون كثيرا من الهواء النقي لقلت الأمراض والعلل التي تنتشر في أنحاء الكون . جميع هذه الأشياء حسنة في ذاتها ، بيد أن من تأمل قليلا لعلم أن ذلك ليس من العوامل المهمة في توليد القوة المسماة ( بالمغنطيسية الحيوانية ) ان المؤلفين الذين بحثوا هذا الموضوع يختمون أبحاثهم بعرضهم أمام أعين القراء ما يستطيع عمله ذلك السعيد الذي وفق للحصول على تلك القوة واستخدامها في أعماله . ولكنهم لم يذكروا بأي كيفية تنال تلك القوة وما هو السبيل إليها . ذلك لم تتناوله نظرياتهم فهم إذن أشبه برواة أكثر مما هم معلمون لأن آراءهم مبنية على نظريات وقد تركوا الوقائع جانبا . ان رقى هذا الموضوع يعود فضله إلى عدد قليل ممن مارسوا عمليا هذه الصناعة فقاموا بتجارب كثيرة وشاهدوا بأنفسهم عن قرب نتائج اختباراتهم ، تلك النتائج المدهشة التي رفعت الموضوع إلى الحقائق العلمية الثابتة . ولقد درس المؤلف هذا الموضوع واختبره بنفسه سنين عديدة وهو سيحاول بهذا الكتاب أن يعلم القراء الحقائق الأساسية التي أثمرها بحثه الدقيق واختباره الزمني وبحث وتجارب الذين عاونوه واشتركوا معه . وستكون دروسنا مخصصة بقدر الإمكان على البرنامج الآتي : إظهار الحقائق الثابتة وتلقينها بطريقة عقلية بــدون توقف على النظريات الا في الأحوال التي لا مندوحة عنها . و إني لأخشى أن أقلل من ذكاء القراء إذا أنا قدمت لهم برهانا كاملا لإثبات وجود تلـك القوة العجيبة الكامنة في كل إنسان والتي لم يذكيها الا أفرادا قلائل مع أن في استطاعة كل شخص استخدامها إذا أراد . فهذه القوة هي المسماة بالمغنطيسية الحيوانية والتدليل على وجودها كمن يريد إقامة البرهان على أن للمغناطيس بعض التأثير على الإبرة الممغنطة وعلى أن أشعة رنتنجن × تنفذ الى الأجسام البشرية أو كمن يريد إثبات وجود التلغراف الذي ينقل الأخبار بواسطة الكهرباء بسلك أو بغير سلك. كل إنسان عاقل له بعض العلم يدرك وجود هذه الأشياء ومن الإغراق في القول محاولة البرهنة على وجودها . وكل من يهتم بها يرغب في معرفة كيف تقتني هذه القوات ليتسنى له استخدامها متى أراد . كذلك الحال لمن يريد الوقوف على طريقة استخدام بالمغنطيسية الحيوانية. انه يعلم كل يوم أو بالحرى يرى حمله في كل وقت مفعول تلك القوة ونتائجها المدهشة . يجوز أنه شعر في وقت من الأوقات بوجود تلك القوة فيه لدرجة ما ، ويرغب أن يعرف كيف ينمي القوة الكامنة فيه أو يوقظها من سباتها ليتمكن من استخدامها في أعماله الدنيوية . ولذلك لا أريد محاولة إثبات وجودها إذ لا ضرورة من ذلك ولا أريد التكلم عن النظريات التي قيلت بشأنها إذ لا فائدة منها . إنما جل غرضي أن أعلمك كيف تستطيع الحصول على النتائج وأنت وشأنك ي الإطلاع بعد ذلك على النظريات التي تصطفيها بل ربما تبتكر لنفسك نظرية خاصة . ولتعلم ان النتائج التي تحصل عليها غيرك لم تسند الى النظريات بل معظمها ان لم يكن كلها كان نتيجة اختبارات وتدريبات شخصية . بعد هذه المقدمة التي وجدت ضرورة لذكرها سأترك باب النظريات ولنلج معا حظيرة العمل والتطبيق . أريد أن أعلمك كيف تنمي وتطبق هذه القوة العظيمة لتكون أهلا للحصول على النتائج التي حصــل عليها غيرك ولعلك تصبح يوما ما مرشدا . يعاوننا على إثارة الزوبعة التي ستمزق حجب الأضاليل والـترهات التي غشيت هـذا الفن وقنعـته طويلا فظل محتجبا عن الأبصار . و أني أطلب منك أيضا أن لا تأخذ بقول مالم تتحقق بذاتك صدقه وتتيقن من معرفته . ماهيـة القـوة ليست القوة بمغناطيس كامن في الجسم - إنما هو تيار دقيق للفكر - الأفكار أشياء محسوسة ، تأثيرها على نفوسنا وعلى غيرنا - كل تغيير في العمل يتطلب تغييرا في الظاهر - الأفكار تتخذ أشكالا وقت الفعل - الفكر اعظم قوة في الوجود - أقدر وأريد ولا أقدر - بالتعليم العلمي وليس بالتدليل النظري - القوة الجذابة للفكر . يتخيل أغلب الناس أن المغنطيسية الحيوانية تيار ينبعث من الجسم فيجذب إليه كل ما يجده حول دائرته الممغنطة . فهذا التعريف ولو أنه على إطلاقه غير صحيح ألا أنه يتضمن بذور الحقيقة. يوجد حقيقة تيار جاذب ينبعث من الإنسان و لكنه ليس قوة مغنطيسية إذا فرض أن لمعنى المغنطيسية علاقة بينه وبين المغنطيس الحديدي أو الكهرباء . مما لا ريب فيه أن المغنطيس الإنساني بالنظر إلى نتائجه له بعض الشبه بالمغنطيس المعدني وبالكهرباء ولكن لا توجد أية علاقة أو رابطة بينه وبينهما بالنسبة للمصدر أو للماهية . يراد المغنطيسية الإنسانية ذلك التيار الدقيق لقوى الفكر أو لاهتزازاته التي تنبعث من النفس البشرية . فكل فكر ولدته النفس بمثابة قوة تتفاوت درجتها بين القلة والكثرة تبعا للدافع الذي يظهر وقت نشأته . فعندما نفكر ينبعث منا تيار أثيري أشبه بأشعة الضوء فينفذ إلى أنفس غيرنا من الأشخاص ويؤثر فيهم حتى ولو كانوا بعيدين عنا بمراحل . التفكير القوي كشعاع مندفع نافذ . ما الذي يحدثه بعد ذلك ؟ يتغلب الفكر بقوته الدافعة على تلك المقاومة الطبيعية التي تحاولها بعض النفوس عند تصادمها بالتأثيرات الخارجية . أما الفكر الضعيف فلا يستطيع الولوج إلى داخل حصن النفس ما لم يكن هذا الحصن مجردا من وسائل الدفاع . والأفكار التي يتكرر إنفاذها على التوالي نحو غرض واحد تؤدي غالبا إلى إدراك هذا الغرض الذي لم يستطع فكر واحد بمفرده على الوصول إليه ولو كان أقوى من كل فكر على انفراد . وهذا تطبيق القوانين الطبيعية على العالم النفسي وهو ظاهرة من ذلك المثل الشهير ( إن في الاتحاد قوة ) وليس أصدق من هذا المثل في حالتنا هذه. إن أفكار الآخرين تؤثر علينا تأثيرا أعظم مما نتصوره . فليست آراء الغير أو آماله التي رأيتها بل أفكاره . وقد أصاب أحد المؤلفين الذين عالجوا هذا الموضوع بقوله ( أن الأفكار أشياء محسوسة ) أجل الأفكار أشياء قوية بذاتها فان لم نعترف بهذه الحقيقة نكون متروكين تحت رحمة قوة عظمى نجهل ماهيتها ويشك في وجودها جمهور كبير من بيئتنا . أما إذا عرفنا ماهية تلك القوة والقوانين التي تهيمن عليها ففي إمكاننا حينئذ أن نتخذها عونا لنا ونستخدمها في أغراضنا ونخضعا لارادتنا . كل فكر يخطر ببالنا ضعيفا كان أو قويا صالحا أو طالحا أدبيا أو غير أدبي - كل فكر يدفع تموجاته السريعة الاهتزاز فتؤثر على كل من يعاشرنا أو يقترب منا ضمن دائرة اهتزازات أفكارنا . ولكي نتصور تلك الاهتزازات يكفي أن نلاحظ ما يحدث عندما نرمي حجرا في الماء فنرى دوائر كلما ابتعدت عن المركز كبرت وانتشرت . ولكن عندما تنطلق فكرة بقوة متوجهة نحو غرض ما فمما لا شك فيه أن تأثير هذا القوة يكون شديدا في نقطة الهدف . ولا تأثر أفكارنا على الآخرين فقط بل يتناول تأثيرها ذواتنا أيضا وهذا التأثير لا يكون عرضيا بل يبقى أثره فينا وينطبق على هذا الموضوع قول التوراة (( قل لي بماذا تفكر أقل لك من أنت )) . لا وجود للجسم ولا نمو له لا بوجود النفس . في استطاعتك التظاهر بالاشمئزاز والضجر وتعرف من نفسك ذلك ولكنك لا تدري ان تكرار صدور ذلك منك لا يؤثر فقط على خلقك بل وأيضا على مظهرك الخارجي وهذا أمر واقعي لا جدال فيه ولا يقبل النكران ويمكنك أن تتحققه إذا تأملت حولك . ألم تشاهد كل يوم ان خلق الإنسان وهندامه الظاهري يدلان على مهنته ؟
فبأي شيء تعلل ذلك ؟
أليس بالفكر دون غيره . إذا حدث إنك غيرت مهنتك بأخرى خلقك ومظهرك الخارجي يعتريهما تغير محسوس مماثل لمجرى أفكارك التي تغيرت بطبيعة الحال مع وظيفتك الجديدة . وليس هذا بموجب للاستغراب أو الدهشة لأن وظيفتك الجديدة تطلبت أفكارا جديدة (( والأفكار أتخذت شكلا ثابتا في أعمالك)) يجوز أن هذا الأمر لم يلفت نظرك وهو ليس بالوحيد الذي أنبهك إليه بل كل ما يحيطـك يجب أن ينال نصيبا من التفاتك وتأملك فيقوم لديك بالدليل المقنع على صحة ما ذكرته لك . الإنسان المملوء بالأفكار الثابتة العزم . يظهر الحزم دائما في الحياة .ومن يتشبع بالأفكار المشجعة يظهر شجاعا . الإنسان الذي يفكر(( أريد وأقدر )) ينجح بينما الإنسان الضعيف الرأي يفشل . إنك تعلم هذه الحقيقة ولكنك تسألني عن علة هذا التباين فأجاوبك أن الفكر علة ذلك .وهذا شيء طبيعي . فالعمل هو النتيجة المنطقية للفكر . ولكن لم ذلك يا ترى - لأنه لا توجد نتيجة أخرى ممكنة . العمل نتيجة الفكر الطبيعية . فكر دائما بقوة . والعمل يتمم الباقي . الفكر أعظم قوة في الوجود . فان لم تكن عرفت ذلك من قبل فانك ستعرفه قبل أن تتمم قراءة هذا الكتاب . انك ستقول ولا ريب . أن الفكرة ليست حديثة فأنا أعرف من زمن أنه ليس من السهل أن ينجح ذو العقل المتردد بل يلزمه التصميم على العمل إذا كان ضروريا لا مندوحة له عـنه . حسنا قلت . ولكن لماذا لا تعمل بهذا العلم ولماذا لم تجعل هذه الحقيقة تتسرب إلى نفسك وتتغلغل في شرايين جسمك . سأقول لك سبب ذلك : عندما طرأ على فكرك أمر قلت (( لا أقدر )) بدلا من أن تقول (أقدر )أما أنا فسأجعلك تستعيض كلمة ( لا أقدر) بأقدر
ثم تعقبها بكلمة ( أريد) وتفكر فيها بعزم وحزم . وبذلك سأجعلك إنسانا آخر بعكس ما أنت عليه الآن . يحتمل أنك انتظرت مني أن ألقي على مسامعك خطابا عن أشياء خيالية وأملت أن تتعلم مني طريقة لا خطأ فيها تبث فيك جرعة من المغنطيس تكفى لإشعال مصباح بمجرد لمسه بطرف أناملك . أو لتجتذب نحوك أيا كان كما يجذب المغنطيس الحديد . هذا ما لا أريده . إنما أريد تعليمك كيف توقـظ في نفسك قوة لا تذكر بجانبها قوة المغنطيس .- قوة تجعلك رجلا قوة تجعلك أن تشعر بشخصيتك وبآنيتك . أريد وأقدر أن أطلعك على هذه القوة التي تصيرك رجلا ذا صفات ظاهرة . رجلا يؤثر على الآخرين فهي قوة تجعلك أن تنجح في كل أعمالك . سأعلمك كيف تنمي فيك ما تدعوه بالمغنطيسية الحيوانية بشرط أن تعود نفسك على ذلك بطريقة جدية لأنها تستحق اهتمامك . وعندما تشعر بنمو هذه القوة الجديدة فيك ويدب دبيبها في نفسك لن ترغب فيما بعد في استبدالها بمال العالم جميعه . لقـد بدأت تحس عزيمتـك أليس كذلك - هذا طبيعي لاريب فيه . لأنه لم يسبق لي أن أتكلم خمس دقائق أمام تلاميذي عن تلك الكلمات السحرية (( أريد وأقدر . وأفعل )) الا وتنشرح الصدور - وتشتد التنعشات . والطلبة سواء كانوا ذكورا أو أناثا ينظرون إليَّ نظرة الرجال و النساء بمعنى الكلمة . ذلك لأن (( الفكر تجسم في العقل )) انظر الى المركز الذي يدور حوله كل شيء . ها قد بذرت البذور وبدأت تنبت . قبل أن أختم هذا الدرس أريد أن ألفت نظرك الى خاصة مهمة للتفكير . وأريد بها قوة التفكير الجاذبة . فآمل أن تعيرني كل انتباهك لعظم أهمية تلك القوة . ولا ازعم ان أقص عليك المسألة من وجهة نظري أو اصطلاحي بل أذكر لك ما هو حاصل ببضعة كلمات : تفعل الأفكار فعلا جاذبيا مستمرا على الأفكار التي تشاكلها . فالأفكار الطيبة تجتذب الطيبة . والشريرة تميل إلى الرديئة ( كالطيور على أشكالها تقع ) فجميع الأفكار من ضعف ووهن أو قوة وحزم . أو تصديق أو ريبة كلها لهذا القانون . أفكارك أنت تجتذب إليها أفكار الغير المماثلة لها وبذلك يزداد عدد أفكارك المتماثلة . ألعلك فهمت الآن ما أعني . إنك إذا فكرت بالخوف فجميع الأفكار المشابهة لها تصدر ممن يلوذ بك تنجذب إليها . وكلما تعمقت في التفكير فيها كلما تراكم عليك الخوف واشتد بك الفزع . فكر ( لا أخاف شيئا ) ترى قوى الأفكار الشجاعة التي من حولك تتوارد عليك وتعاونك . جرب ذلك وأبعد عنك كل خوف . واعتبر بما جره هو والقلق من الرزايا والمحن وسوء المصير . أكثر من سائر عيوب الإنسانية . الخوف والبغض هما الفكران المهمان اللذان تتولد منهما جميع الأفكار المحطمة الدنيئة - وسأشرح لك ذلك في الدرس التالي - ولكني أناشدك أن تنتزع من فكرك هذه النقيصة أي الخوف والبغض . بددهما ولا شهما لأنهما يتلفان ما يجاورانه ويتولد عنهما نقائص جمة كالقلق - والارتياب - وسوء الطوية واحتقار الذات - والغيرة - والحسد - والنميمة - وسائر الأمراض الوهمية . إنني لا القي عليك عظة دينية ولكني أعلم أن هذه الأفكار الرديئة تقف حجر عثرة في سبيل تقدمك وانك لو فكرت فيها مليا لأدركت صدق قولي . افتح النوافذ على رحبها ودع أشعة شمس الأفكار الجيدة الحسنة تدخل فتطرد مكروبات الشك واليأس والعثرات التي يمكن أن تجد لها مرعى خصيبا في فؤاد غير فؤادك . لو كنت أعز صديق لي ولو كان هذا الدرس آخر ما يمكن أن ألقيه على مسامعك في هذا العالم لصرحت في أذنك بكل قواي : لا تكن خائفا ولا مبغضا .
كيف تعاونك القوة الفكرية يتوقف النجاح على التأثير الشخصي ـ الأقوياء ينجحون ـ ما ينتجه الأشخاص المنفعلون يجنيه الفاعلون . المال هو الأثر المحسوس للنجاح ـ المال واسطة وليس غاية ـ شريعة المملكة الأدبية ـ تأثير الإيحاء ـ تأثير الاهتزاز الفكري ـ تأثير القوة الجاذبة ـ التأثير الحاصل من التكوين الخلقي . سأفترض في الفصول التالية أنك صممت على تنمية قواك الباطنية لتسير آمنا في طريق الحياة التي اختطتها لنفسك. يتوقف معظم النجاح على تمتعك بموهبة الفات نظر بني جنسك إليك واهتمامهم بك وسعيهم لمنفعتك إذا أمكنك أن تؤثر عليهم التأثير المرغوب . انك مهما كنت مجملا بأكمل الصفات ولست حائزا على تلك القوة العظيمة التي ندعوها عادة بالمغنطسيسة الحيوانية . فلا بد أن يسود عليك أولئك الحاصلون عليها ـ بصرف النظر عما تراه من الاستثناءات فلكل قاعدة شذوذ . فالذين شذوا عن القاعدة العامة يعود نجاحهم في الغالب على نبوغهم في الفنون والمعارف والاختراعات والمؤلفات الأدبية . ومن السهل أن ندرك أن حقيقة نجاحهم آل إليهم من إجهاد الفكر أكثر من التعرف بالوجاء ومخالطة الكبرياء ومجالسة الأمراء . انهم يعملون كثيرا ولكنهم لا يجنون ثمار عملهم فهم يزرعون وغيرهم يحصدون . قد يحدث ولا ريب أن يكافأ العالم على سهره الليالي الطويلة في درس العلوم المجردة مستضيئا بقنديل ضئيل النور وتكون مكافأته في الغالب فائدة مالية . غير أنه على الأكثر ينال المرء فلاحا على يد آخر يتكفل بنشر علمه ونقله من عالم العلم المجرد الى عالم يد آخر يتكفل بنشر علمه ونقله من عالم العلم المجرد إلى عالم العمل ومع ذلك فحصة المخدوم تكون أقل بكثير من حصة الخادم أو بالأحرى ينال الناشر أكثر مما ينال العالم . ولما كانت الأعمال هكذا لا يوجد مانع من اعتبار النجاح والفائدة المالية لفظتين مترادفتين لمعنى واحد . ومعظم الفائدة ناتج من المغنطيسية الحيوانية الموجودة فيمن يشعر بها ويستخدمها. فالمخترع والمؤلف والعالم وكل طالب علم ألئك جميعهم يمكنهم الانتفاع من المملكة الفكرية والوقوف على أسرارها والعمل على استخدامها في الدوائر المعقولة . إلا أن الإنسان المدني الذي يكون على اتصال دائم ببني جنسه هو الذي تعرض له غالبا فرصة استعمال تلك القوة المدهشة التي لا تنيله النجاح فقط بل وقوامه المادي أي المال . فالمال باعتبار صفته الذاتية ليس المثل الأعلى للحياة إنما يرغب فيه كواسطة بها يتمكن المرء من الحصول على رغبات الحياة وما تقدمه لنا من حسن وجميل . أما إذا اعتبر غاية فالإنسان العاقل لا يتدانى الى السعي إليه لذاته . وإذا كان الأمر كما قدمنا فيمكننا القول بأن كل أغراض الإنسان المتشبعة تتلاقى في سيرها عند نقطة الاتصال وهي المال . قلنا فيما سبق أن معظم نجاح المرء يتوقف على مهارته في توليد ثقة الغير واهتمامهم به وفي اجتذابهم إليه والتأثير عليهم لمنفعته . فلا نظن أن من الضروري التبسط في إثبات ذلك خصوصا لمن كان على اتصال مستمر بالتجار أو برجال الأعمال . وغرضنا الآن أن نعرف القارئ أن هذه القوة العجيبة التي لا تقوَّم بثمن تنمو في الإنسان بتأثير القانون الفكري . وهذا ليس فقط سر المغنطيسية الحيوانية بل سر الحياة السعيدة والنجاح التام . فالذي يحوز هذا الكنز يكون العالم بالنظر إليه كمحارة يستطيع فتحها والتلذذ بطعمها متى شاء . أما الذي له جلد على إظهار خفاياه وتعويد نفسه على التمارين الضرورية لنمو قواه الكامنة فيه فهذا أيضا يشعر بالقوة تدب بمجرد علمه بالموضوع . بيد أني أسمع القارئ يقول : كل ما ذكرته حسن وأود معرفة الكيفية التي اتبعها للوصول الى ذلك الأمر . هذا هو غرضنا ولكننا نتقدم بالقارئ خطوة فخطوة في طريق النظرية ليأمن العثرة والزلل . وقبل أن ندخل في التفصيلات يجب أن نعدد أولا الطرق المختلفة المستعملة للتأثير على الناس حتى نحصل على ما نرغب وهو النجاح . يكون الفكر لك عونا بإحدى السبل الأربعة الآتية : أولا : تؤثر مباشرا على غيرك بقوة فكرك أي بالإيحاء بمعنى أنه يمكنك الفات نظر الناس الى مشروعك والحصول على معاونتهم لك والتأكد من حمايتهم لعملك أي التأثير عليهم بكامل معنى الكلمة . فهذه الخاصية - المضطربة في ما ندر من الأحوال - يمكن لكل فرد - ذكرا كان أو أنثى - الحصول عليهما متى كانت عنده قوة الإرادة والثبات الضروريان لنمو هذه الموهبة الثمينة . واغلب الطلبة يرغبون في معرفة هذا الفرع من دوحة المملكة الفكرية قبل معرفة سائر أجزائها وهذا السبب هو الذي يلجأ لمعالجة ذلك الموضوع في الفصل التالي . ثانيا : بقوة الاهتزازات الفكرية المنبعثة مباشرة من النفس لتؤثر تأثيرا قويا على نفوس الآخرين ما لم يكن لهؤلاء المعرفة التي يتذرعون بها ضد تلك القوى وبذلك يكونون كالأولين فاعلين وليس منفعلين . فمعرفة هذا القانون يجعلك أيضا أهلا للبقاء في حالة النفس الفاعلة الى تموجات واهتزازات فكر النفــوس الأخـرى . ثالثا : بقوة تجمع الصفات الفكرية المبنية على نظرية ( شبيه الشيء منجذب إليه )فإنك بتفكرك المتوالي في شيء واحد - تجذب الأفكار المشابهة لفكرك والتي تحيط بك من كل جانب كما لو كانت جزءا من الجسم الفكري الكامل الذي يطوقنا بخفائه وقدرته العظمى . فهذه القوة إحدى المؤثرات الكبرى التي تستعمل بغاية الدقة وتستمد المساعدة من جانب لم نكن نعيره كثير الالتفات . (الأفكار أشياء محسوسة ) ولها خاصية عجيبة في اجتذاب اهتزازات الأفكار الأخرى التي هي من جنس واحد وصفات متشابهة . رابعا : بتقوية خلقك ومزاجك بواسطة القوة الفكرية حتى تستطيع سد مطالب ورغائب نفسك . ينقصك بعض الصفات التي تساعدك على النجاح . وأنت عالم بها أكثر من أي إنسان آخر ولكنك تظهر بمظهر آخر إذا تظن ان هذه الفرجة في الأخلاق غريزية فيك لا يمكنك إصلاحها ورتقها . ألا فاعلم أن معرفة قانون المملكة الفكرية أكبر عضد ومساعد لك في التغلب على تلك العيوب وفي تحصيل صفات جديدة علاوة على تقوية الصفات الحسنة التي تتصف بها . وسأجتهد في الفصول التالية ان أدلك على الطرàالقُـَّوةُ الْفِكِْريَّة الفصل الثاني:لهذا الكتاب أهمية عظمى لأن المؤلف ابتكر خطة جديدة لسلوك المرء في الحياة الدنيا يمكن لكل فرد اتباعها . فالمؤلف لا يضيع الوقت جزافا في ذكر نظريات لا فائدة منها بل يتناول مباشرة القصد الذي ينحوه فيقول للقارئ صراحة ماذا ينبغي أن يعمل وكيف يصنع . والصدق في القول والصراحة في التعبير هما اللذان جعلا لهذا الكتاب قوته المقنعة بقدرة النفس وبالثقة بالذات اللتين تناول شرحهما شرحا بسيطا معقولا مبنيا على الأسس المادية المحسوسة . وانك لو تسائلت هذه الأسئلة : هل أستطيع أن أجعل حياتي أكثر سعادة وأكبر نجاحا بقوة فكري ؟ هل أستطيع التأثير على حوادث الحياة بتنمية هذه القوة؟ كيف أبرأ من السويداء والفشل والخوف والضعف وانشغال البال ؟ كيف أتم رجال والنساء متى واجهناهم يشمل جميع وسائط النفوذ الفكري المذكورة في الفصول السابقـة ويرتبط بطـبيعة كل وسيلة منها . من الصعب التعمق في بيان هذا القسم من التأثير الفكري بغير بيان القسم الآخر من الموضوع المذكور الذي سنشرحه في الفصول التالية فيلزمنا إذن أن نقـتصر على ذكر تلك الأقسام هنا إلى أن يأتي الكلام على كل منها في حينه وحينئذ نشرحها بأوفى بيان . وأننا نعتقد أن القارئ بعد أن يستوفى قراءة الخمسة عشر فصلا المؤلف منها هذا الكتاب يرجع إلى مطالعة هذا الفصل ثانية فيتجلى له الموضوع بوضوح ويدرك جميع المسائل التي تراءت له أولا غامضة أو مبهمة . توجد عدة وسائل للتأثير بنفوذه على الناس ـــ ولسهولة تقسيمها نضعها في ثلاث درجات : الأولـى : بواسطة الصوت وبالمظهر الخارجي وبالعين ـــ بذلك يحصل التأثير الإيحائي . الثانية : بتموجات الفكر المنبعثة بواسـطة عمل النفس الاختياري على الغرض المرموق . الثـالثة : بخاصية الفكر الجاذبة الناتجة عن الفكر المنجذب الذي سنتكلم عنه في الفصل التالي . وهذه القوة ، أهم ظاهرات المغنطيسية الحيوانية ، متى تحصلنا عليها واكتسبناها تعمل من تلقاء ذاتها بدون دخل للإرادة في ذلك . مــن الصــعب جـــدا أن نعـــرف تعـــريفا واضـحا مـاهية ( الإيحــاء ) إذا كان لكم إلمام بأصول الهبنوتزم (( التنويم المغنطيسي )) و الإيحاء المغنطيسي لأدركتم بسهولة معنى كلمة الإيحاء أو التلقين .أما الذين ليس لهم هذه المعرفة فنضطر لتعريفها لهم كما يأتي : ( التلقين هو التأثير الحاصل بواسطة الحواس بإدراك أو بغير إدراك كنهه )نحن على الدوام مؤثرون أو متأثرون . وبينما تكون خاصية التأثير متعلقة بدرجة استعدادنا التي وصلنا إليها لتلقي التلقين . فهذه الدرجة أيضا ترتبط بدرجة نمو الصفات الغير قابلة لتلقين النفس نحن لا ندعي هنا تحليل المسألة العامة المشهورة باسم (( أثنينية النفس البشرية )) التي اتخذت أسماء متعددة مختلفة نذكر منها : النفس الفاعلة و النفس المنفعلة ، والنفس المدركة والغير مدركة ، والنفس المريدة والمكرهة ، و هلم جرا . وإذا أراد القارئ الوقوف على هذا الموضوع نشير عليه بمطالعة كتاب الهبنوتزم الذي نشرته جمعية المباحث النفسية
. Psychic Research Company ولكي يدرك القارئ بسهـولة معنى أقوالنا الخاصـة باستخدام التلقين كواسطة للتأثير الشخصي نعرفه أولا أن للنفس البشرية وظيفتين عموميتين ندعوهما الوظيفة الفاعلة أو المؤثرة والوظيفة المنفعلة أو المتأثرة . فالوظيفة الفاعلة تنتج الفكر الإداري وتظهر بما ندعوه عادة (( قوة الإرادة )) هذه هي الوظيفة التي تفعل دائما عند الإنسان الحازم القوي النشيط في الأوقات التي يظهر فيها إرادته كلها . أما الوظيفة المنفعلة فهي تتفكر بالأفكار الغريزية المتواردة عليها بدون دخل لإرادتها فيها وهي بعكس الوظيفة الفاعلة على خط مستقيم . الوظيفة المنفعلة أعظم خادم للإنسان إذ تؤدي له القسم الأعظم من عمله الفكري وهي التي تقوم بأشق الأعمال بغير مدح أو هجاء تعمل بدون تذمر أو إجهاد ظاهري وبدون كلال . أما الوظيفة الفاعلة فعلى العكس لا تعمل إلا بضـغـــط الإرادة وتستهلك مقدارا من القوة العجيبة أكبر بكثير مما تستهلكه شقيقتها القوة المنفعلة . فهي التي تقوم بالعمل الذي تنشط إليه النفس وتجد فيه. يعتريها الكلال بعد عمل مجهد وحينئذ تحتاج إلى راحة . وان القارئ ليدرك هذا الإعياء قليلا أو كثيرا عند ما يستخدم قوته الفاعلة ولا يشعر بأقل تعب متى استخدم القوة المنفعلة ــ اللينة ــ المطيعة ــ الوديعة . ــ وأظن أنه بعد هذا التفسير الوجيز أدرك صفتي هاتين الوظيفتين . يوجد أشخاص تفضل أفكارهم اختيار الوظيفة المنفعلة فهؤلاء الذين يحجمون عن إجهاد الفكر لا يستخدمون سوى أفكار الغير التي يجدونها مهيأة لهم فهم بالحقيقة الحملان البشرية يقبلون ويؤمنون بكل ما ترغب ذكره لهم بصفة قاطعة وبهيئة جدية . ومن الواضح انهم يكونوا تحت رحمة الأشخاص الأكثر إجهادا و الأظهر عملا إذ يكفي لهؤلاء أن يقولوا لهم عند أمر (( نعم )) فيجارونهم على أفكارهم لو كان يسهل عليهم ذلك أكثر من قولهم ((لا))كذلك توجد أشخاص لا يسهل تلقـينهم إلا إذا تركوا لوظيفتهم الفاعلة وقتا من الراحة . ولكي تلم تماما بدرجة الوظيفتين المذكورتين حتى يتسنى لك استخدام النصائح المدونة بهذا الكتاب نرجوك أن تتفـكر بالفـكر شخصين توأمين اشــتركا في عـمل تجاري . انهما يتشابهان كنقطتي ماء ولكنهما يختلفان في الصفات ولكل منهما كل الصفات اللازمة لتأدية المهمة التي تحمل مسئوليتها . كما أن لكل منهما نصيبا مساويا للآخر في المكسب والخسارة . فالأخ المنفعل يراقب وصول البضاعة ويؤشر على الطلبات ويلاحظ ربط وشحن البضاعة ــ بينما أخوه الفاعل يتمم صفقة البيع ويدير حركة العمل والمال ويعلن عن المحل وبالإجمال يمثل في شخصه السلطة التنفيذية التي هي في الواقع روح العمل . أما فيما يختص بمشتري البضاعة فالأخوان يعملان معا . الأخ المنفعل طيب القلب ومسالم و أشبه بالآلة على نوع ما . وهو بطيء الفهم ــ موسوس محدود الإدراك ولكنه كثير الوثوق يعتقد بما تريد أن تذكره له إلا إذا كان ذلـك مخالفا لفكرة سابقة رسخت في ذهنه رسوخا متينا ، ولكي تجعله يقبل بفكرة جديدة ينبغي عليك أن تسقيها لـه على جرعات صغيرة متتابعة . وإذا كان أخوه حاضرا يشاطره آراءه وأفكاره ، وإذا كان غائبا يشاطر آراء وأفكار الآخرين . انه دائما محمول على منحك ما تطلبه منه بشرط أن يكون الطلب بحزم وبثقة الحصول عليه . لأنه يخشى أن يهنيك إذا رفض . فيعدك بإجابة الطلب حتى يتخلص من إلحاحك ويتحاشى إهانتك برفضه . كل ذلك تحصل عليه في غياب أخيه ـــ ولا يلزمك إلا أن تكون ذا مظهر جدي وهيئة صــادقة ـــ وواثقا من نوالك المرغوب كما لو كان كل شيء تم منذ زمن . أما الأخ الفاعل فهو كالمثل العامي من عجينة أخرى ـــ من نوع الأشخاص الصلبين كالحجر ــ المرتابين بكل شيء النشيطين المجدين في العمل . يرى من اللازم أن لا يتوانى طرفـة عـين عن أخيه المنفعل لكي لا تتـلـف مصالحهما المشتركة إذ لو تركه لحظـة واحدة بدون مراقبة لأفسد شيئا ولذلك تجد الأخ الفاعل لا يسـتحسـن أن تقابل أخاه المنفعل مخافة أن تتخذ مـن ضعفه فرصة للإضرار بكليهما . هذا إذا كان لا يعهد فيك حسن النية . ولذلك أيضا تراه ينظر إليك فاحصا ليسـتطلع الغرض من زيارتك قبل أن يدعك في اتصال مع أخيه . وإذا سمح لـك بتلـك المقـابلة يلاحظ عليك كل حركاتك وسكناتك ويسترعى السمع ليقف على ما خفى من غرضك ولـيرصـد أفعالـك . وما عليك إلا أن تجد الوقت المنـاسب وتـخلـق الفرصة السـانـحة لتظفر بمرادك . لا يخفى أن النفس البشرية ليست سوى شركة ذات وظيفتين متشابهتين لما ذكرنا إلا أن الشركات ليست كلها على نمط واحد . فالشريك المنفعل لا يتغير ــ ومع أنه توجد بعض حالات يستطيع فيها أن يجعل له رأيا مسموعا وقولا مطاعا إلا أنه في الغالب يبقى السامع المطيع وهذه الحالة سببها الدرجة التي وصل إليها الأخ الفاعل . وبالعكس يوجد فرق عظيم بين الشركاء الفاعلـين للأفراد المتباينين .فمنهم من هم مثال الفـطنة والنشاط . والـحذق و الكياسة ـــ ومنهم من يتصف بهذه الأوصاف بدرجة أقل مـن تـلـك وتجدهم متسامحين ومتساهلـين كالشركاء المنفعلين . ومنهم الوسنان ومنهم المتيقظ الحذر وهكذا من مختلف الدرجات وتفاوت الصفات بين لـين وشدة ــ وضعف و قوة وخمول ونشاط . وبلادة وذكاء . فيتوقف النجاح على معرفة موطن الضعف في الشريك الفاعل . والثبات في الطلب ــ والمهارة في اكتســاب ثقة ذلـك الشريك بالطريقة التي نجدها المثلى لذلك . ولا تنكص إذا فشلت في بادئ الأمر ــ ولا تقنط من الوصول إلى غرضك بل ثابر على العمل فمن لم يخاطر بشيء لا ينال شيئا كما أن القلب الخائف الوجل لا يربح حب المرأة الجميلة . وإذا صدقنا المثل القائل أن ما فاز باللذة إلا الجسور . لوجب علينا أن نعلم أن من الناس من يستسلم بسهولة والبعـض بصعـوبة فيجب إذن المثـابرة والثبات لنيل المراد . لا تكتفي بكلمة (( كـلا )) جوابا على سؤالـك . بل تمشي في الأفعال كما تتمشى مع امرأة جميلة تتحبب إليها فتتدلل عليك وبلا شك انها كلما تجنبت ورفضـت مبادلتها غرامك كلما زدت هياما بها ولم تأبه برفضها مرة وثانية وثالثة . هكذا أيضا في الأعمال لا تترك ميدان الجهاد معييا إذا لم تنل مبتغـاك من المرة الأولى . إنما الحظ كالمرأة له ما لها من الصفات الجذابة . التلقينات كلما تكررت زادت قوتها . يمكن للإنســان أن يرفض من الدفعة الأولى مسألة عرضت عليه . ولكنه إذا سمعها مرات متوالية وتكررت على أذنيه يؤدى به الأمر إلى الاعتقاد بها ــ وليس هذا بالغريب لأنك أنت نفسك تعتقد صحتها فلماذا لا يكون الآخر معتقدا بها مثلك . والتلقين كالبذار الذي تتركه في أرض خصبة ــ فعند عودتك إلى تعهده تجده أثمر الثمر المطلوب . كذلك باجتذاب الشريك الفــاعل إلـى الاهتمام بقــولك تجعل للشريك المنفعل ( المتأثر ) فرصة للاقتراب منك والإنصات إليك ( إذ من طبعه الفضول ) فيتأمل في حديثك ويسـعـى في المرة الـثـانية لمقابلتك والتحدث معك بالرغم عن احتياطات أخيه الفاعل . ( الحب متفنن بارع) ولا ريب في ذلك إذ أنه في حالتنا هذه يجعل الأخ السـاذج المنفعل أهـلا للتحايل على التخلص من رقابة الأخ الفاعل وللوقت يمكنك أن توجـه قـوة التلقين إليه بكيفية تجعلك أن تحصل على أكبر النتـائج الممكنة وأن تحترز من تلقينات الآخرين إليكولحصول التأثير المطلوب على أي فرد تكون لك به صلة أو علاقة ــ لا تجد أمامك قوة التلقين الذي تخدع بها رقابة الشريك الفاعل فقط بل تجد أيضا مساعدين قــويين وهما تموجات الفكر الصادرة مباشرة من النفس وقـوة الجــذب الفكـري . ويمكن لهذه القوى أن تنمو بكثرة بواسطة التمرينات التي سنذكرها لك في هذا الكتاب وسنعلمك أيضا الطرق التـي بها تتمكن من اكتساب الصفات المؤهلة لك لتؤثر على الفاعل الذي لا يحكم إلا بحسب صفات المرء الظاهرة . بيد أنه يوجد أمر يجب عليك نواله مهما كانت الظروف . ذلك هو الوثوق والاعتقاد من أن فيك الاستعداد التام لامتلاك ناصية هذا الموضوع . وهذه ظاهرة مشابهة لما يأتي : شـاب يريـد أن يتعـلم السباحـة وهو لا يعتقد أن كل الشبان ليسوا كفؤا لتعليم هذا الفن وليس في استطاعتهم تعلمه . ومنذ الوقت الذي يعتقد في نفسه أنه يستطيع السباحة لابد وأن يسبح والعكس بالعكس إذا خطر بباله أنه لا يستطيع ذلك فمن العبث محاولته السباحة لئلا يغرق . وهكذا بالتمرين ينبغ في العوم . إنما الشيء المهم هو اعتقاده استطاعته ذلك الأمر . توجد كامنة فيك قوة التأثير على غـيـرك و لكن ينقصك العلم بها وإيقاظها من رقادها . وإذا كان يصعب عليك ذلك في بادئ الأمر فلا يعترينك الوهن . بل ثق بالنجاح وثابر على العمل فتكون أعظم من أولئك الذين ينجحون بطريق الصدفة أما أنت فتعلم السبب وما عليك إلا البدء لتجني من الكروم عنبا ومن خلايا النحل شهدا . اْلفَصْـل اْلخَامِسْ بعض قــواعد الســـلوك كيف تؤثر على الشريك الفاعل ـ محادثة ـ فن الإصغاء ـ كارليل وزائره ـ كيف تتعرف بآخر ـ ظاهر الإنسان ـ العطور والنظافة والهندام ـ التحفظ والطبع والإقدام ـ احترام النفس واحترام الغير ـ الصراحة والجد ـ التسليم والعين والنبرة ـ قاعدة مفيدة ـ إصلاح معايب الهندام . في الفصل السابق شبهنا وظيفتي النفس بأخين اشتركا في عمل تجاري . ولسهولة تفسير الموضوع الآتي نستمر على ذلك التشبيه لأنه أحسن مظهر للعلامات الموجودة بين وظائف النفس . فهذا الشريك الفاعل يجب معاملته بكل رعاية وإكرام ومحاولة استبقائه في مزاج حسن وخلق طيب . فكيفية التخاطب و التعارف والصوت والعين وغيرها كل هذه أشياء تؤثر عليه على نوع ما . نعم إن لكل شريك فاعل خاصيات ذاتية وأذواقـا شخصية إلا أن ذلك لا يمنع من وجود صفات عامة لكل أولئك الشركاء . أما فيما يتعلق بموضوع المحادثة فينبغي عليك حتما معرفة ما يهتم الشريك الفاعل به ويلفت نظره . فإذا وافقت هواه ، تستطيع أن تحوله عن واجبات رقابة أخيه المنفعل ، ولهذا الغرض يلزمك استدراجه في الحديث لتعلم ، فتقف منه على ما يستهويه ويستميله ولكن إيـاك و التمادي في كثرة التملق . يبغي أن تعود نفسك على الإصغاء لأن هذا الفن من أهم الصفات الأدبية ، كثيرون هم الذين يصلون إلى أغراضهم بصفة واحدة هي معرفـة كيف يصغون ويستفيدون . ألم يأتك نبأ تلك الفكاهة الشائعة عن كارليل فقد روى أن شخصا من مستطلعي الأخلاق البشرية على وجه العموم زار يوما كارليل المؤلف الشهير وأخذ يطــارحه القول إلى أن استدرجه في الحديث عن مسـألة مهمـة فـأخذ الـمؤلف يتكلم عنها نحو الثلاث ساعات والـزائر مصغ له ولم ينبس بكـلمة . وعندما همّ هذا بالانصراف حياه كارليل أعظم تحية ودعـاه لزيارته مرة أخـرى لأنـه سـرّ كثيرا بمجلـسة ! لقد قبضت الآن على عقدة المسألة فأصغ إلى حديث الشريك الفاعل كأنه طلى مفيد ــ ولكن إياك وأن تجعله يستهويك لئـلا تنقلب الآية وتصبح أنت المتأثر بدلا من أن تكـون المؤثر . ليكن إصغاؤك بانتباه وحذر حتى إذا وثقت من ركون محادثك إليك اغتنمت الفرصـة وأثرت على شريكـه المنفعل فتفوز بالمـرام . أما فيما يختص بهندامك ومظهرك الخارجي فأشير عليك بأن تتجنب أطراف الأشياء فلا تكون كثير التأنق في الملبس ولا عديم الاعتناء به بل كن وسطا بين الأمور فيجب أن يكون مظهرك بسيطا مع الترتيب والنظافة , فلا تنتعل حذاء مرقعا باليا ولا تلبس قبعة أو طربوشا رثا لأن ذلك يستلفت النظر أكثر من الملابس . ولا باس أن تكون ملابسك قديمة ولكن نظيفة . فان أول ما يلفت النظر ــ الحذاء والطربوش ــ وعليهما يتوقف حكم الشخص الذي تقصده . ولتكن ملابسك البيضاء نظيفة جدا ولا تستعمل الروائح العطرية النافذة مهما كان نوعها . كذلك إذا تقدمت لمقابلة إنسان فلتكن هيئتك بشوشة وخلقك هادئا . وممتلكا زمام نفسك لا تحتد و لا تعبس و لا تظهر الاشمئزاز وابعد عنك الوجل والاضطراب ولـيكن صوتك هادئا حتى لو احتدم مخاطبك فانك لا تلبث أن تراه خجل من حدته وخفف من غلوائه متى كان جوابك له بسكون وبتؤدة . ليكن عليك طابع الوقار فبذلك تحترم نفسك وتحتم على الآخرين أن يحترموك ويتبع ذلك بالطبع احترام الغير في آرائهم ومعتقداتهم وعواطفهم . فإذا لم تكن متحليا بهذه الصفة ينبغي عليك اكتسابها حتما لأنها تساعدك كثيرا في خطب مودة الأصدقاء والخلان. وكأنك بذلك تقول لمن يجابهك : كما أنا أعاملك أود أن تعاملني . وإذا تكلمت لتكن أقوالك جدية فتستوقف نظر الناس وتضم إليك عضدا قويا ليغرس فيهم إيحاءك فضلا عـن أن ذلك من العوامل المهمة في تقوية اهتزازات فكرك . وإذا سـلـمـت فامدد يدك بحيث لا تكون قاسية ولا رخوة . سلم على كل الناس كما تسلم على أكبر غـني تبرع لك بهبة ثمينة ــ واصحب التسليم بنظرة حادة ثابتة . سنشرح لك في الفصل التالي مقدرة النظر ولكننا نذكر لك العلاقة المتينة بينه وبين التسـلـيم باليد فالاثنــان يتمشيان مع بعض ويتممان بعضها البعض . لا تيـأس أيها القارئ إذا لم تكن حائزا على الصفات السـابق ذكرها . بل ضع نصـب عـينيك هـذه الحقـيقة ــ جميع المواهب الطبيعية يمكن اكتسابها إذا اعـتنيت ومددت يدك لأخذها . سنفيض لك الشرح في فـصــل آخر عن كيفـيـة تكوين الـخلـق . يوجد عـضـد آخر له قدرة هـائلة تجده في الـعـين إذا كان المراد التأثـير على الآخرين و إعانة شريكنا الفاعل في عمله. من ذا الذي يجهل تلك القدرة ؟
ــ ومع ذلك قـليلون هـم الذين يستخدمونها ويعرفون سـر استعمالها .يمكن كتابة المجلدات الضخمة عن هذا الاستخدام كسلاح للهجوم أو للـدفـاع ــ وكواســطة للتــأثير على الإنسـان والحيوان . فالعــين تبقى على دوام الكنز الذي تؤخذ منه المواد التي يحتاج إليها الباحث في بحثه ودرسه . سنخصص الفصل التالي لإثبات مفعول العين في التـأثـير ــ ثم نبين كيف ينمو النظر المغنطيسي و كيف نتحاشى تأثير نظر الآخرينمقــــدرة العــــين أعظم واسطة للإنسان ليؤثر بها على الغير ــ أســـباب و نتائج ــ الاهتزازات الفكرية التي تنتقل بواسطة العـين ــ تأثير النظر على الحيوانات الأليفة والمفـترسة ــ الاستهواء و الجذب المغنطيسي ــ البصر الممغـنـط ــ النظر و الانتباه ــ الوصول إلى الغرض ـــ التدرع ضد تـأثـير نظر الغـير ـــ كيف نستهوى الآخرين . العين إحدى الوسائل العظيمة للتأثير الشخصي فهي تستأثر بانتباه المخاطب و تجعله على أتم استعداد لقبول إيحائك . وفضلا عن ذلك فـللعـين ذاتها خاصية قوة غرس إرادتك في نفس الغير بشرط أن تباشر هذه القوة بطريقة معقولة ــ أنها تجتذب وتأسر وتسحر الشريك الفاعل و تمهد لك الطريق الموصل لمخاطبة الشريك المنفعل . هي السلاح المخيف للــذي يلم بعـلم قانون الملـكة الفكرية . إنها تقتلع مباشرة اهتزازات نفس هذا الأخير لتغرسها في نفس مخاطبة . انك ولا ريب سمعت بتأثير العين البشرية على الحيوانات المفترسة وغيرها . كذلك الإنسان المتمدين يؤثر على أخيه المتوحش الهمجيكثيرون لابد و أنهم تقــابلوا بأولئك الأشخـاص الذين يستطيعون قراءة ما في نفس الغير بقوة التفرس النظري . سنوضح في الفصل التالي بعض تمارين لتساعد القارئ على الحصول على ما ندعوه بالنظر المغنطيسي الذي هو العضد الثمين لمن يشتغل بالمغنطيسية الحيوانية . فتوجيه نظرك توجيها مناسبا ــ أثناء المخاطبة يجعلك أهلا للتأثير على مخاطبك تأثيرا أشبه بالسحــر أو بالاجتــذاب المغنطيسي وسبب ذلك قوة الاهتزازات الــفكرية المنبعثــة بواسطة النظر الممغنط الصادر من العين . و بالطبع أن لكل حالة تحدث في ظروف مخصوصة أيضا طرقا خاصة بها ولذلك يصعب تلقـين قواعد تنطبق على جميع ظروف الحياة . فينبغي إذاً أن تتعود على تطبيق القواعد العامة على التعقيدات الغير منتظرة التي تعترضك في كل حالة . غير أنه من المهم جدا أن تبدأ حديثك بالنظر إلى وجه مخـاطبك نظرا مغنطيسيا نافذا . وليس من الضروري التحديق به بل تكتفي بأن يكون نظرك ثابتا غير مضطرب وتظهر فيه قوة الإرادة وحصر الفكر . ويمكنك في أثناء المحادثة أن توجه نظرك إلى جهة أخرى ولكن يجب أن تكون كل جملة تقصد بها التأثير على مخاطبك مصحوبة بالنظر المغنطيسي كأنك تريد تفهيمه : (( هكذا أريد ويجب أن أنال )) . فلا تنس هذه القاعدة ولا تحد عنها . وإذا كنت ترغب شيئا فاطلبه بوضوح وبعزة نفس شاخصا ببصرك إلـى الشخص الذي تسأله ومعتقدا في باطنك أنك نائل سؤلك . اجتهد أن تجعله لا يحول نظره عنك أو يلتفـت إلى جهة أخرى أثناء هذا الطلب بل يجب حتما أن تسترعى انتباهه إليك فيتأثر الشريك الفاعل ويدع أخاه المنفعل يقترب منك ويصغي لحديثك وبالطبع يميل إلى قبوله والعمل به . وإذا رأيته يتجنب نظرك . فيمكنك أن تســـتلـفـته بالطريقة الآتية : تحول أنت أيضا نظرك إلى جهة أخرى بشرط أن ترمقه بطرف عينك فبالطبع يلتفت هو إلى الجهة التي تحولت إليها ــ ففي هذه اللحظة ترمقه بعين حادة وبنظر سريع وبعزم قوى ــ لأن هذه هي الفرصة السيكولوجية المناسبة لاستئساره وتملك قيادة . أما إذا كانت هذه التجربة لم تأت بالغرض المقـصـود من الانتباه إلـيك والالـتفات لقـولـك فـأشـير عليك أن تقـدم له نموذجا مما له علاقة بالغرض الذي جئت له من أجله . ستتحقـق أنه ينظر إليك بعد أن يفحص ما أطلعته عليه فيجب في هذه الحالة أن تجعل نظرك يتقابل مع نظره وأن تكون ثابتا وموحيا إليه بكامل إرادتك . فإذا استطعت أن تحصر التفاته إليك وأفلحت في التطلع إليه أثناء محادثتك معه ــ فانك ولابد نائل منه مرغوبك ــ اللهم إلا إذا كان هو الآخر خبيرا بهذا الموضوع فيصعب عليك التـأثير عليه . ولربما تدرك في أثناء حديثك معه أنه يتحاشى النظر إليك أو يريد وضع حد لمحادثتك فرارا من التأثر الذي يحدث له فلا تدعه يفعل ذلك لأن هذا هو الوقـت الســيكولوجي المناسب لحصول تأثيرك وجنى ثمر تعبك . وكما أنه من الصعـب التأمل أو التروي أثنـاء التأثير النظري المغنطيسي ــ فإني أنصحك بالاحتراس من هذه القوة التي يستعملها غيرك لاستهوائك ــ كما ترغب أنت في استهواء غيرك بها . ولذلك يجب أن تكون دائما على حذر مفكرا في نفسك أنك أقوى منه وستتغلب عليه ــ فلا تكن الشخص المنفعل أو المتأثر . وإذا لاحظت أن مخاطبك يحــاول الإيحـاء إليك بقوة نظره فاجتهد أنت بالعكس بتحـــويل نظرك إلى جهة أخرى بطريقة لا يشعر بها وكأنك مصغ إليه ــ وبذلك تستطيع التروي في الأمر وتبقى في حالة الحياد لا مؤثرا ولا متأثرا ــ وإذا عرض عليك أمرا فتأمل فيه فان لم يوافق هواك فارفض بثبات وحزم ولكن بأدب واحتشام . اجعل دائما شريكك الفاعل رقيبا على الشريك المنفعل واعلم أنه في أثناء محادثة ما ، يكون المتكلم هو المؤثر والسامع هو المتأثر أو المنفعل . وكلما كان هذا منتبها وفكره منحصرا في الإصغاء كلما كلن أكثر انفعالا وتأثرا فتضعف قوته وتشتد قوة المؤثر المتكلم . فيجب أن تلاحظ ذاتك عندما تكون في الحالة السلبية ومخاطبك في الحالة الإيجابية ولا تدع الإيحاء ينطبع في فكرك . وينبغي أن تكون نبرة صوتك عند الكلام ذات صفة الوثوق من الوصول إلى مطلوبك والاعتقاد بنوال مرغوبك . وإذا أردت أن تكــون لك صــورة فكــرية من هــذه الألفاظ (( الجدي المقتنع )) فانك تتمكن حينذاك من إدراك معنى ما قلته لك من جعل الإيحاء الذي تباشره بطريقة لطيفة والفصل الخاص (( بحصر الفكر )) سيرشدك إلى طريق ذلك أما الفصل التالي فسنخصصه للبصر المغنطيسي . اْلفَصْل الـسَّـاِبعْ البصـــــر الـمـغـــنطيسي ماهية البصر الـممغنط ـــ كيف يمكن اكتسابه ــ تدريبات على الإيحاء . التمرين الأول : طريقة الحصول على بصر ثابت ونافـذ ــ تـأثيره على الإنسان و الحيوان ـــ التمرين الثاني : تقوية البصر أمام المرآة ــ كيف تقاوم بصر الآخرين ـــ التمرين الثالث : نمو العضــــلات و الأعصـــــــاب البصرية ـــ التمرين الرابع : فن تقوية العضــــلات و الأعصـــــــاب البصرية ـــ التمرين الخامس : تجارب على الناس و على الحيوانات ــــ التمرين السادس : استخدام القوة المسموح بها . إن البصر المسمى عادة بالبصر الـممغنط والـمغنطيسي هو مظهر رغائب النفس بواسطة العــين التي تكون أعصابها وعضلاتها نمت بكيفية تمكنك من إرسال نظرات ثابتة حادة ونافذة . إن كيفية توليد المجهود الفكري سنشرحه لك في الفصول الآتية أما التمارين التالية فهي مهمة جدا ويجب دراستها بكل اعتناء ودقة إذ بواسطتها تتمكن بقليل من الزمن من تقوية بصرك لدرجة تؤثر بها على غيرك . وستشعر بالتدريج بلذة هذه الاختبارات عندما تطبقها على الأشخاص الذين يلوذون بك ! ويتحقق لديك انهم لا يقوون على احتمال حدة نظراتك التي تصوبها إليهم ويشعرون ببعض القشعريرة إذا حدجتهم ببصرك بضع دقائق . ومتى حصلت على هذه النتيجة واكتسبت البصر الـممغنط لن ترغـب في استبداله ولا بمال العالم . لا تكتفي بمطالعة هذه التمارين بل ينبغي أن تباشرها على الدوام وتجربها مع أصحابك ومعارفك لتقف بنفسك على مفعول القوة الباصرة المغنطيسية . الـتمـــــــــــارين أولا ــ خذ ورقة مربعة بيضاء مســطحها 15 سنتيمترا مربعا وارسم في وسطها دائرة سوداء بحجم النصف قرش ويكون فراغ الدائرة كلها أسـود . ثم ثبت الورقة في الحائط بازاء نظرك برهة وعاود التحديق مرة ثانية . ثم ثالثة وكرر هذا العمل خمس مرات . دع كرسيك في موضعه وانقل الورقة على بعد نصف متر من الجهة اليمنى من الموضع الذي كانت فيه . اجلس على الكرسي كما كان وانظر إلى الحائط أمامك برهة ثم حول نظرك ( بدون أن تحرك رأسك ) إلى الجهة اليمنى وحدق في الدائرة السوداء نحو دقيقة . كرر هذا العمل أربع مرات . ثم نوعه بنقل الورقة إلى الجهة اليسرى بدلا من اليمنى . كرر هذا التمرين ثلاثة أيام مع إطـالة الوقت من دقيقة إلى دقيقة ونصف فدقيقتين . وعد الثلاثة أيام أطـــل مدة التحديق الى ثلاثة دقائق وهكذا كل ثلاثة أيام تضيف دقيقة حتى تتمكن من استبقاء عينيك محدقة نحو ربع ساعة بدون أن ترمش أو أن تغرورق بالدمــــوع ومتى وصــلت إلى هذه الدرجة فتأكد أن نظرك حاز القوة الـمغنطيسية الـمطلوبة وبها تستطيع التأثير على مخاطبك حتى أن الحيوانات تضطرب من نظراتك وتفزع منها . ولا تضجر أو تمل من هذا التمرين بالنظر إلى فــوائده العديدة . ثانيا ــ تستطيع استكمال التمرين السابق بالتمرين الآتي فـبه تتمكن من مقاومة نظر الغير . ذلـك بأن تقـف أمام المرآة وتحدق في نظرك الـمنعكس عليها . وتكرر هذا العمل مرارا عديدة متدرجا من دقيقة إلى اثنين حتى تصل إلى ربع ساعة وبذلـك تعود نفسك على مناوأة نفـوذ نظر غيرك وعلى تقوية نظرك أنت أيضا . ثالثا ــ قف أمام الحائط وعلى بعد متر واحد منه وعلق الورقة المربعة عليه بحيث تكون الدائرة السوداء عالية من مرمى نظرك . ثم ثبت نظرك في الدائرة المذكورة . وحرك رأسك راسما بها شبه قوس بدون أن تحول النظر عن الدائرة السوداء . ولما كان هذا التمرين يستلزم تحرك العينـين في محاجرهما فهو بالطبع يتطلب إجهادا عظيما في العضلات والأعصاب . نوّع التمرين المذكور بتحريك رأسك في جهات مختلفة وليكن عملك بتؤدة الكي لا تتعـب العينين . رابعا ــ الصق ظهرك بحائط الغرفة . وانظر في الحائط المقابل . وصوب النظر إلى موضع فيه متنقلا إلى آخر مـن فوق إلى تحت ومن اليمين إلى اليسار ــ بدون أن تتحرك . وعندما تشعر بتعب عينيك اسـترح . ثم كرر العمـل مرة أخرى . والغرض مـن هذا التمرين تقوية العضلات والأعصــــاب البصرية . خامسا ــ عندما تكون تحصلت على نظر قوي ولكي تكون واثق من ذلك . اطلب من صديق لك أن يجلس على كرسي أمامك ثم حدجه بنظرك واطلب منه أن ينظر هو الآخر إليك بقدر إمكانه ولسوف ترى أنه يتعب ويقول لك كفى . فيكون في هذه الآونة قريبا من حالة التنويم الـمغنطيسي . تستطيع أيضا أن تجرب قوة نظرك في أي حيوان وستتحقق من أنه يخشاك ويفر من أمامك فزعا . وأشير عليك بأن لا تخبر أحدا باشـــتغالك بالـمغنطيســـية الحيوانية لأسباب منها أن الناس إذا علموا بذلك يتحاشون تأثيرك . وهذا بالطبع يقلل من قوتك الـممغنطة . حافظ على سرك واظهر قوتك بالعمل وليس بالتبجح والثرثرة ـــ خذ الوقت الكافي لحفظ هذه التمارين ولا تقرأها قراءة سطحية أو بعجلة بل بتأن ٍ وبالتدريج الطبعي . لا تجعل عينيك أن ترمشا بكثرة . ولا تطبق جفنيك . وقوة الإرادة والتأمل يسـاعدانك على نبذ هذه العادات . وإذا شعرت بتعب عينيك من تلك التمارين فبللهما بالماء البارد فتشعر حالا بالراحة . ومتى واظبت على تلك الاختبارات بضعة أيام لن تعود تشعر بكلل مطلقا
المرجع: موقع شبوة نت

ليست هناك تعليقات: